للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة/ ٦]، فصرَّح بأنَّ هذا الذي يسمعه هذا المشرك المستجير هو كلام اللَّه، فالكلام كلام الباري، والصوتُ صوت القاري.

وما يزعمه بعضُهم من تجريد كلامه جلَّ وعلا عن الحروف والألفاظ، وأنَّ التوراة هي القرآن والإنجيل، وأنَّ القرآن هو التوراة والإنجيل، وأنَّ الاختلاف إنما هو بحسب التعلق فقط، كلُّ ذلك باطل، ومخالف لما عليه أهل الحقِّ.

فالقرآن هو بألفاظه ومعانيه كلام اللَّه، ومن ادعى أنَّ تأليف لفظه من فعل مخلوف عبَّر عن تلك المعاني القائمة بالذات بعبارةٍ من نفسه، وأنَّ اللَّه خلق له علمًا بذلك، فعبرَّ عنه من تلقاء نفسه، فهذا من أبطل الباطل، ولو كان اللفظ لمخلوق لما جاز التعبد به، والتقرب إلى اللَّه بالصلاة به، ولجاز حمل المحدث له كسائر كلام المخلوقين، إلى غير ذلك.

فالحاصلُ أنَّ هذا القرآن المحفوظ في الصدور، المقروء بالألسنة، المكتوب في المصاحف، هو كلام اللَّه تعالى بألفاظه ومعانيه، تكلَّم به اللَّه تعالى فسمعه جبريل منه، وتكلم به جبريل فسمعه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منه، وتكلَّم به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسمعته منه أمته وحفظته عنه، فالكلام كلام الباري والصوت صوت القاري، قال اللَّه تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة/ ٦].

وعرَّف القرآن في "المراقي" بقوله:

<<  <   >  >>