إن كانت المشابهة:"كقولك رأيت أسدًا يرمي" سُمِّي هذا النوعُ من المجاز استعارة، وحدُّ الاستعارة: مجاز علاقته المشابهة، وإن كانت علاقته غير المشابهة كالسببية والمسببية، ونحو ذلك، سمي مجازًا مفردًا مرسلًا، كقول الشاعر:
أكلتُ دمًا إن لم أرعك بضرة ... بعيدة مهوى القرط طيبة النشر
أطلق الدمَ وأراد الدية مجازا مرسلًا علاقته السببية؛ لأن الدية المعبر عنها بالدم سببها الدم وهي مسبب له.
الثاني من النوعين اللذين دخلا في كلامه: المجاز المركب، وضابطه: أن يستعمل كلام مفيد في معنى كلام مفيد آخر، لعلاقة بينهما، ولا نظر فيه إلى المفردات، فقد تكون حقائق لغوية، وقد تكون مجازات مفردة، وقد يكون بعضها مجازًا وبعضها حقيقة، وعلاقته إن كانت المشابهة فهو استعارة تمثيلية، ومنها جميع الأمثال السائرة، والمثل يحكي بلفظه الأول، ومثالُه قولك لمن فرط في أمر وقت إمكان فرصته، ثم بعد أن فات إمكان فرصته جاء يطلبه:(الصيف ضيعتِ اللبن).
وأصل المثل أن امرأة من تميم خطبها رجلان أحدهما كبير في السن وله مواشي كثيرة، والثاني شاب وماشيته قليلة، واختارت الشاب وكانت الخطبة زمن الصيف، ثم طلبت بعد ذلك من الكبير الذي ردت خطبته لبنًا فقال لها:(الصيف ضيَّعتِ اللبن).
وهذا الاستعمال لعلاقة المشابهة بين مجموع الصورتين، وإنْ