الطبقة الثانية: وهي طبقة المعتزلة، وهم الذين يطلقون إثبات الأسماء في الجملة وينفون قيام الصفات بالذات، ولا يعني قولنا: يثبتون الأسماء في الجملة؛ أنهم يثبتون أسماء الرب سبحانه كما يثبتها أهل السنة، ولكنهم يثبتون منها ما يرون قبول الرب سبحانه وتعالى له، فقد اتفقوا على أنه حي عليم قدير، وقال البصريون منهم: إنه سميع بصير.
لكنهم لا يثبتون صفةً هي السمع والعلم ..
إلخ.
وقد حصل في هذه الطبقة بعض الاشتباه، ومن أخص أسباب اشتباهها: تبني سلطان في دولة بني العباس لها، فقد تبناها المأمون بن هارون الرشيد، ودافع عنها واستعمل السيف فيها، ثم جاء المعتصم والواثق على ذلك؛ فكان هذا من أسباب دخولها.
ومن أسباب اشتباهها: انتساب كثير من المعتزلة لـ أبي حنيفة في الفقه وخاصة متأخريهم، فتأثر كثير من الأحناف بمثل هذه المقالة.
ولكن -أيضاً- هذه المقالة عند أهل السنة والمنتسبين إليها ليست محل اشتباه، فإن السلف أجمعوا على ذم مقالة المعتزلة، وكلام الأئمة -كما أشار المصنف رحمه الله - في ذمهم كثير، والسلف إذ ذاك كانوا يسمونهم جهمية، وهو الغالب، وإن كانوا أحياناً يصرحون باسم المعتزلة.
وكذلك المنتسبون إلى السنة كالأشعرية والكلابية والماتريدية وجماهير الفقهاء أيضاً يتفقون على بطلان مذهب المعتزلة.
إذاً: هاتان الطبقتان ليس فيهما اشتباه عند أهل السنة، والمنتسبين إليها من الفقهاء والمتكلمة الذين ينتسبون للسنة، وهم ثلاث طوائف على وجه الاشتهار: الكلابية والأشعرية والماتريدية، ويوجد طوائف أخرى، لكن هذه الثلاث أشهرها، وكذلك المتصوفة الذين مالوا عن طريقة السلف وانتسبوا للسنة.