أما السلف رحمهم الله فقد اعتبروا أن مسائل أصول الدين معتبرة بهذه الأصول الثلاثة: الكتاب والسنة والإجماع، ولهذا لا يوجد أصل من أصول الدين عند السلف إلا وهو محقق بدلائل من القرآن والسنة والإجماع.
أما المخالفون من أصناف المتكلمين وغيرهم فهم -في الجملة- يقولون بأن الدلائل القرآنية دلائل على مسائل أصول الدين، وهذا حكم كلي يطلقونه، لكنهم يدخلون المعارضة عليه بما استعملوه من الدلائل العقلية، فيكون المحصل أن الدليل العقلي عندهم مقدم على الدليل النقلي؛ وذلك لأنهم اعتبروا أن القول في المسائل الإلهية، وبخاصة في مسألة الصفات والأفعال لابد من اعتباره بدلائل العقل مع دلائل الشرع، فنظروا في دلائل عقلية أوجبت عندهم معارضة الدلائل النقلية الشرعية، فلما حصل هذا التعارض قرر المتكلمون من المعتزلة وغيرهم ما سموه قانوناً في كتبهم، وهو قانون تعارض العقل والنقل وقد رد عليه المصنف -أعني: شيخ الإسلام - في كلام كثير، لكن أخص ذلك في كتابه الكبير درء تعارض العقل والنقل.
القصد: أن هؤلاء اعتبروا الدلائل القرآنية ولكنهم تأولوها.
أما الدلائل النبوية ففي الجملة منع المتكلمون الاستدلال بالآحاد، وإن كان تقريرهم للآحاد يقع الغلط فيه من جهتين:
الأولى: أنهم وصفوا كثيراً من نصوص السنة بأنها آحاد، وهي في نفس الأمر متواترة.