السادسة: أن ما علم ثبوته في الكتاب والسنة يثبت، وما علم نفيه ينفى، وما لم يرد بلفظه إثبات ولا نفي من الألفاظ المجملة الحادثة فإنه يتوقف فيه.
وإذا كان كذلك فلا يعني هذا أنك لا تنفي نقصاً عن الله إلا إن كان النص القرآني صرح به، فإن هذه قاعدة -كما قال شيخ الإسلام - لم يلتزمها أحد من أهل السنة، بل ولا أحد من الطوائف، فإن القول بأن الله منزه عن الجهل صحيح وبدهي عند المسلمين، لكن التصريح بنفي الجهل لم يرد في القرآن أو السنة، مع أنه منفي عن الله سبحانه وتعالى.
إذاً: القاعدة: أن صفات الكمال المنصوص عليها في القرآن كل ما يقابلها ويضادها فإنه يعلم أن الرب منزه عنه، فلما وصف نفسه بالعلم دل على أنه منزه عن الجهل ..
وهلم جرا.
وإن كان النص تارة يصرح ببعض هذه الأضداد، كقول النبي:(إن ربكم ليس بأعور) فإن الله موصوف بالبصر، ومع ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(إن ربكم ليس بأعور) مع أن من وصف بالبصر على جهة الكمال، فإنه يعلم أنه منزه عن ذلك.
أما اللفظ الذي لم يرد ولكنه من الألفاظ الحادثة المجملة التي تحتمل حقاً وباطلاً؛ فإن طريقة السلف في هذا أنهم يتوقفون في اللفظ، ويستفصلون في المعنى، فإن كان صواباً قبل، وإن كان باطلاً رد، أما اللفظ فإنه يتوقف فيه من حيث الأصل، وإن كان مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم لا بأس به عند المناظرة كما قرره المصنف؛ وذلك كلفظ الجهة والجسم ونحوها.