الأولى: أن الله موصوف بالنفي والإثبات عند أهل السنة، وأن جمهور الإثبات في الكتاب والسنة أو على طريقة السلف إثبات مفصل، وغالب النفي الغالب أنه نفي مجمل، فمن ذلك الإثبات المفصل لأسماء الله في القرآن:{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}[الحشر:٢٢]{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}[البقرة:٢٥٥] ومن الإثبات المفصل في الصفات قوله: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[المائدة:١١٩]{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة:٥٤] ..
إلى غير ذلك.
فالإثبات المفصل والنفي المجمل هو الغالب على الطريقة القرآنية النبوية طريقة أهل السنة والجماعة، ولكن يقع في القرآن إثبات مجمل ونفي مفصل، ومثاله في الأسماء قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[الأعراف:١٨٠] وفي الصفات وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى}[النحل:٦٠] أي: الوصف الأكمل.
ومثال النفي المفصل في القرآن قوله تعالى:{وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}[الكهف:٤٩] وقوله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة:٢٥٥] لكن ينبه إلى أن ما يقع من النفي المفصل فإنه يتضمن ثبوت كمال الضد؛ لأن النفي المحض -أي: الذي لا يتضمن أمراً ثبوتياً- ليس بشيء، فلا يكون كمالاً، بل يكون في جمهور الموارد نقصاً ينزه الله تعالى عنه؛ ولهذا كل نفي مفصل في القرآن فإنه يتضمن ثبوت كمال الضد، فقوله:{وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}[الكهف:٤٩] أي: لكمال عدله، وقوله:{لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة:٢٥٥] أي: لكمال حياته وقيوميته