قصد بيان إسناد مذهب السلف، وأنه إسناد متصل بالتصريح إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ذكر تحت هذه المقدمة أوجهاً من النظر اللازم -أي: من النظر اللازم للاعتبار سواء كان نظراً عقلياً أو نظراً شرعياً- ثم لما بين بالضرورة العقلية والشرعية بأوجه ذكرها أن مذهب السلف مذهب يتصل سنده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، رتب بعد ذلك بيان إسناد مقالة المخالفين في باب الصفات، وذكر أنها مقالة متلقاة من المتفلسفة، سواء من المتفلسفة اليونان أو غيرهم، على ما يأتي تقريره إن شاء الله.
ثم بين أن قدماء المنحرفين في باب الأسماء والصفات -وهم أئمة الجهمية والمعتزلة- كان أخذهم عن المتفلسفة ظاهراً، وقد نص عليه بعض الكبار من متأخري المتكلمين، فقد قرر أبو الحسن الأشعري لما رجع عن الاعتزال في بعض كتبه: أن دليل المعتزلة الذي اعتبروه في نفي صفات الله متلقى عن الفلاسفة.
وكذلك ذكر جماعة من الأشاعرة أن مذهب المعتزلة ينتهي إلى المذهب الفلسفي الذي كان عليه أرسطو وأمثاله.