[بل كان وجود الكتاب والسنة ضرراً محضاً في أصل الدين، فإن حقيقة الأمر على ما يقوله هؤلاء: إنكم يا معشر العباد لا تطلبوا معرفة الله عز وجل وما يستحقه من الصفات نفياً وإثباتاً، لا من الكتاب ولا من السنة، ولا من طريق سلف الأمة، ولكن انظروا أنتم فما وجدتموه مستحقاً له من الصفات فصفوه به، سواءً كان موجوداً في الكتاب والسنة أم لم يكن، وما لم تجدوه مستحقاً له في عقولكم فلا تصفوه به].
هذا هو محصل وحقيقة مذهب المخالفين للسلف: أن معرفة الصفات تنبني على العقل وليس على الشرع.
وهنا ينبه إلى أن ما يحصله المصنف في تقرير مذهب المخالفين هو على نوعين:
الأول: يكون من مقالاتهم وحقيقة مذهبهم الذي يقررونه ..
فهذا يعطون أحكامه المتعلقة به المناسبة له من جهة الشرع في باب الأسماء والأحكام.
الثاني: وهو من باب اللوازم، ولازم المذهب ليس مذهباً لصاحبه، وإن كان يذكر ليتبين بهذا اللازم فساد المذهب، فإن اللازم إذا كان فاسداً دل على أن المذهب نفسه فاسد، فـ شيخ الإسلام يعتبره لنقض المذاهب لا من باب أخذ هؤلاء بمذهبهم، فمثلاً: أن مذهب المعتزلة نفي الصفات ..
هذا مذهب، أما أن مذهب المعتزلة أن الله موصوف بالنقص لنفيهم الصفات ..
فهذا لازم، ولهذا المعتزلة لا تصرح باللوازم؛ لأنهم لو صرحوا باللوازم كفروا كفراً صريحاً؛ ولهذا وإن كان مذهبهم من جهة الحقيقة واللازم هو النقص، إلا أنهم يظنون أنه الكمال، وهذا من أسباب درء التكفير عنهم -أي: عن أعيانهم- وإن كان قولهم قولاً كفرياً لا شك في ذلك.