[فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، وشهد له بأنه بعثه داعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً، وأمره أن يقول:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي}[يوسف:١٠٨] فمن المحال في العقل والدين أن يكون السراج المنير الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وأنزل معه الكتاب بالحق ليحكم بين الناس في ما اختلفوا فيه، وأمر الناس أن يردوا ما تنازعوا فيه من أمر دينهم إلى ما بعث به من الكتاب والحكمة، وهو يدعو إلى الله وإلى سبيله بإذنه على بصيرة، وقد أخبر الله بأنه أكمل له ولأمته دينهم وأتم عليهم نعمته، محال مع هذا وغيره أن يكون قد ترك باب الإيمان بالله والعلم به ملتبساً مشتبهاً، ولم يميز بين ما يجب لله من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وما يجوز عليه وما يمتنع عليه].
هنا بدأ المصنف بذكر أوجه نظرية مبنية على مقدمات من الشرع ومقدمات من العقل ضرورية الحكم.
ويستفاد من هذا أن من أراد مناظرة المخالف في أصل من أصول الدين فإن الفاضل له أن يستعمل الأدلة التي هي لازمة الحكم عند المخالف.
فهذه طريقة أقوى في التحقيق، وإن كان قد تستعمل أدلة ليس بالضرورة أنها مسلمة عند المخالف؛ لأن المقصود إقامة الحجة عليه.