لما كان في آخر عصر الخلفاء الأربعة الراشدين ظهرت الخوارج، ونازعوا في مسألة الإيمان؛ لذا كان القول في مسمى الإيمان وما يلتحق به من القول في الأسماء والأحكام هو أول نزاع حصل بين المسلمين في مسائل أصول الدين.
وقد نبغ مقدم هؤلاء الخوارج في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما تواتر ذلك في الصحيحين وغيرهما، فقد رواه الإمام مسلم من عشرة أوجه، روى البخاري طائفة منها، وهي مخرجة في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها، وقد ورد من رواية أبي سعيد الخدري وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي، وغير هؤلاء، وقد تلقاه أئمة الحديث بالقبول.
وفيه قصة بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهب في أديم مقروض لم يحصل من ترابه، فقسمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أربعة نفر
وفي آخر الرواية: أنه قام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار فقال: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل -وفي رواية: إن هذا قسمة لم يرد بها وجه الله- فغضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله، فقام خالد بن الوليد -وفي رواية البخاري: قام عمر بن الخطاب - وقال: يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق.
فقال:(لعله أن يكون يصلي.
قال: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه.
قال: إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أن أشق بطونهم ثم نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقف فقال: إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وقراءتكم مع قراءتهم، وصيامكم مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد) وفي رواية: (لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود) وفي رواية: (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
قد سبق الفرث والدم) وفي رواية: (فاقتلوهم؛ فإن في قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة) وفي رواية: (لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتَّكَلوا عن العمل).
وقد ظهر هؤلاء في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقاتلهم الصحابة رضي الله عنهم في معركة نهاوند بإمارة علي.