[من طرق استدلال أهل السنة: الاستدلال بالمتفق على المختلف]
[وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء، لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته، ولا في أفعاله، فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة وله أفعال حقيقة، فكذلك له صفات حقيقة، وهو ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله].
يذكر المصنف أن الله سبحانه مع اتصافه بصفات الكمال المفصلة في القرآن والحديث ليس كمثله شيء لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ولا في أفعاله، ثم ذكر هذا الدليل، وهو من أخص القواعد التي يذكرها المصنف في كتبه، قال: فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة، وله أفعال حقيقة فلذلك له صفات حقيقة.
وهذا استدلال بالمسلمات، وهذه من طرق القرآن في الاستدلال، وهي: الاستدلال على المختلف بالمؤتلف، أو الاستدلال على ما كان متشابهاً بالمحكم.
وقد يقول قائل: هل باب الصفات من المتشابه؟
نقول: لا، ليس هو من المتشابه، لكن لما زعم المخالفون كالمعتزلة وغيرهم أن آيات الصفات من المتشابه.
قيل: هب أنها من المتشابه؛ فإنه يستدل بالمحكم في هذا الباب -باب المعرفة الإلهية- على ما زعموا أنه متشابه وهو آيات الصفات، وإلا فإن الحق أن آيات الصفات من المحكمات وليست من المتشابهات، لكن القاعدة المستعملة كثيراً في القرآن، وهي قاعدة عقلية مستعملة عند العقلاء وذكرها حتى غير الإسلاميين من الفلاسفة، هي الاستدلال بالمؤتلف على المختلف أو على المتشابه بالمحكم.