هذا هو نهاية المقصد الأول في رسالة المصنف، وهي هذه المقدمة التي قال فيها: وإنما قدمت هذه المقدمة لأن من استقرت هذه المقدمة عنده عرف طريق الهدى أين هو في هذا الباب وغيره.
وهذه المقدمة -كما قال المصنف- تصح في هذا الباب وتصح في غيره؛ ولهذا قال من قال من السلف: إن الإسناد من الدين.
فهذا وإن كانوا ذكروه في أعيان الأحاديث النبوية المروية بالإسناد المسلسل، إلا أن الأمر يقع كذلك هنا، فإن الدين لابد أن يتلقى بالإسناد، بمعنى أنه: ما كان من الدين ليس مأثوراً عن الصحابة رضي الله عنهم فإنه لا يكون من الدين الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه إذا لم يتخذ مذهب الصحابة رضي الله عنهم فيصلاً في هذا المقام فإن الدعوة من جهة الاستدلال بالشرع -أعني: الكتاب والسنة- تكثر عند الطوائف؛ ولهذا كان السلف رحمهم الله يلتزمون القول بأن الدلالة هي دلالة الكتاب والسنة والإجماع؛ ولهذا كان من أخص مسائل الفرق بينهم وبين مخالفيهم من قدماء أهل البدع أن مخالفيهم لم يعتبروا إجماع الصحابة رضي الله عنهم في هذا الباب، وأول من خرج عن إجماع الصحابة من أهل البدع الخوارج، ثم جاءت المعتزلة فالمرجئة فالمتكلمة والقدرية ..