[اعتراف أساطين الكلام بأن العقل لا سبيل له إلى اليقين في عامة المطالب الإلهية]
[على أن الأساطين من هؤلاء الفحول معترفون بأن العقل لا سبيل له إلى اليقين في عامة المطالب الإلهية].
على أن الأساطين أي: الكبار من أئمة هؤلاء.
وممن صرح بأن هذا الباب -الباب الإلهي- ليس فيه يقين من الفلاسفة المتقدمين أفلاطون، وقد صرح شيخ الإسلام في درء التعارض وغيره بهذا، يقول: وذكر أفلاطون وغيره أن هذا الباب الإلهي ليس فيه يقين عندهم.
فهذا الباب الإلهي لا شك أن فيه يقيناً، لكن هؤلاء الفلاسفة -لأن تلقيهم من العقل والنظر أو من الرياضة والتجريد- لا يمكن أن يصلوا فيه إلى يقين، وقد ذكر محمد بن عمر الرازي في أول المطالب العالية هذا القول عن أفلاطون، بعدما عقد فصلاً: هل هذا الباب مدرك بالعقل أو ليس مدركاً.
وقد ذكر أرسطو ما يقارب ذلك؛ ولهذا نقل الرازي عن أرسطو أنه قال: من أراد الدخول في هذا فليشرع لنفسه مشرعةً أخرى.
أي: ليشرع لعقله وتصوره تصوراً آخر؛ مما يدل على أن هذا الباب ليس مدركاً عندهم تماماً بالعقل، وإذا كان كذلك علم أن هذا الباب باب لا بد فيه من السمع، الذي هو الوحي المنزل على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
[وإذا كان هكذا فالواجب تلقي علم ذلك من النبوات على ما هو عليه].
يعني: إذا شهد أئمة هؤلاء بأن العقل لا يدل على هذا الباب باليقين كما يذكره أرسطو وأفلاطون -وهم أخص من استفاد منهم هؤلاء الذين خالفوا السلف من أهل القبلة- فإن ذلك يدل على أن هذا الباب يتلقى من جهة النبوات.