[المقصد الثامن: غلط المخالفين في تسمية وعقيدة أهل الحديث]
عقيدة أهل السنة والجماعة لا تتلقى إلا من كتب أهل السنة والجماعة، وأوصاف أهل السنة والجماعة لا تتلقى إلا من كتب أهل السنة والجماعة؛ ذلك أن المخالفين طعنوا في اسم أهل السنة فسموهم -كما هو شأن الجهمية مثلاً- حشوية مشبهة، والرافضة تسميهم نواصب
وهلم جرا من التسميات التي هي من العدوان والبغي على أئمة السنة والحديث من فقهاء الإسلام وأئمتهم.
وكذلك عقيدة أهل السنة التي ذكرها كثير من المتكلمين غير معتبرة، بل عقيدتهم تؤخذ من الكتب المصنفة في عقيدتهم، وهي العقيدة المذكورة في الكتاب والسنة؛ وذلك أن كتب المقالات كالمقالات لـ أبي الحسن الأشعري - مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين - أو الملل والنحل للشهرستاني، أو الفَرق بين الفِرق للبغدادي، أو المحصل للرازي أو اعتقادات فرق المسلمين والمشركين وإن كانت تذكر ما تسميه اعتقاد أهل السنة، على أحد حالين: إما أن أصحابها يذكرون قول أهل السنة بشيء من التفصيل، ولكنهم يقصدون بأهل السنة الأشاعرة كما هو شأن البغدادي في كتابه الفَرق بين الفِرَق؛ فإنه خصص مقالة أهل السنة وشرحها شرحاً مفصلاً، لكنه يقصد بها عقيدة الأشاعرة.
أو أنهم أحياناً يذكرون قول أهل السنة وهم يعنون الأئمة لكنهم يجملونه إجمالاً شديداً كما هو شأن أبي الحسن الأشعري في كتاب المقالات.
أو أنهم يضيفون إلى السلف أو إلى بعضهم ما يعلم أنه غلط عليهم، كما هو شائع في هذه الكتب التي صنفت في المقالات، وصنفها قوم من أئمة الكلام، كما هو شأن الشهرستاني في كتابه الملل والنحل.
ولهذا اعتبر الشهرستاني وأمثاله -وإن كانوا من أعلم الناس بالمقالات- من أجهل الناس بمقالات أهل السنة والحديث.
إذاً: عقيدة أهل السنة تتلقى من الكتب المصنفة في عقيدة أهل السنة، وقد ذكر المصنف في رسالته هذه كثيراً منها، أو من الكتب المتأخرة بعد ذلك ككتب شيخ الإسلام ابن تيمية وأمثالها.