[فإن معرفة هذا أصل الدين وأساس الهداية، وأفضل وأوجب ما اكتسبته القلوب، وحصلته النفوس، وأدركته العقول].
المصنف -كما تقدم- يستعمل مقدمات مسلمة عند سائر الطوائف، فإن جميع الطوائف من المعتزلة والأشعرية والماتريدية حتى المتفلسفة الذين انتسبوا للإسلام يرون أن هذا العلم الإلهي هو أشرف العلوم؛ فهذا ابن سينا لما ذكر أقسام الفلسفة قال في الفلسفة العليا والحكمة الأولى: هي القول في العلم الإلهي.
فهم يسلمون أن المعرفة الإلهية هي أفضل المعارف، لكن يبقى الخلاف في طريقة اعتبار المعرفة الإلهية.
فهؤلاء المتفلسفة اعتبروها بالطرق الفلسفية، والمتكلمون اعتبروها بالطرق الكلامية، وأهل السنة اعتبروها بالقرآن والحديث وإجماع الصحابة رضي الله عنهم.
فإذا كانت المعرفة الإلهية هي أخص المعارف -وهذه هي المقدمة- لزم أن يكون رسول الإسلام، ومن بعثه الله ليبين للناس الديانة مبعوثاً بتفصيلها وتحقيقها وبيانها.
وهذه المقدمة بدهية لا يعاضل فيها إلا من في قلبه نفاق أو خروج عن أصل الإسلام.