للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يا مُوسى} (١) {فَعَقَرُوا النّاقَةَ} (٢) وقد ذكر أن الذي ناداه عيينة بن حصن بن بدر الفزاري، والأقرع بن حابس التميمي.

قوله: {أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} يجوز أن يكون المراد متظاهرة وهو خروج بعضهم عن أن ينسب إلى عدم العقل، ويحتمل أن يكون الحكم بقلة العقلاء فيهم قصدا إلى نفي أن يكون فيهم من يعقل؛ فإن القلة تقع موقع النفي في كلامهم.

{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦)}

{أَنَّهُمْ صَبَرُوا} في موضع رفع بالفاعلية، أي: لو ثبت صبرهم. والصبر: حبس النفس عن أن تسارع إلى هواها. وقولهم: صبر عن كذا محذوف المفعول، أي: صبر نفسه؛ أي:

حبسها، وقال بعضهم: الصبر مر، ولا يتجرعه إلا حر.

وقوله: {إِلَيْهِمْ} يقتضي أنه لو خرج ولم يعلموا أنه خرج إليهم ألزمهم الصبر حتى يعلموا أنه خرج إليهم، وفي {لَكانَ} ضمير يعود إليه اسم كان، أو يرجع الضمير إلى مصدر {صَبَرُوا} لقولهم: من كذب كان شرا له.

روي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة مصدّقا إلى بني المصطلق، وكان بينه وبينهم شحناء فخرجوا يتلقونه وظن أنهم خرجوا لقتاله فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: منعوني الزكاة فجاءوا وقالوا: نعوذ بالله من غضبه ومن غضب رسوله، فقال لهم: لئن لم تنتهوا لأبعثن عليكم رسولا يقتل مقاتليكم ويسبي ذراريكم، فبعث خالد بن الوليد فوجدهم مطيعين لم يخطر ببالهم غدر بأحد؛ فنزلت {إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (٣)، وفي تنكير الفاسق والنبأ دليل على أنه أي فاسق جاء بأي نبأ كان، فتوقفوا فيه وتطلبوا بيان الأمر وانكشافه


(١) سورة البقرة، الآية (٧٢).
(٢) سورة الأعراف، الآية (٧٧).
(٣) رواه الواحدي في أسباب النزول (ص: ٤٠٤ - ٤٠٧) وفي سنده معلى بن عبد الرحمن؛ قال عنه ابن حبان في المجروحين (٣/ ١٧): يروي عن عبد الحميد بن جعفر المقلوبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>