للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنزلت الآية (١). (٢٩١ /أ) وعن ابن مسعود: ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين (٢). وعن ابن عباس: استبطأ الله قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن (٣). وعن الحسن: أما والله لقد استبطأهم وهم يحفظون من القرآن أقل مما تحفظون، ويعملون من أعمال الخير أضعاف ما تعملون، وحدث فيكم من الفسق ما لم يكن في الأولين (٤).

وروي أن هذه الآية قرئت بين يدي أبي بكر الصديق، وعنده ناس من أهل اليمامة فبكوا بكاء شديدا؛ فقال أبو بكر: هكذا كنا حتى قست القلوب (٥). وكانت بنو إسرائيل إذا سمعوا التوراة خشعوا لله ورقت قلوبهم فلما طال عليهم الزمان غلبهم الجفاء والقسوة واختلفوا وأحدثوا ما أحدثوه من التغيير والتبديل وغيره. {لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} يجوز أن يراد بهما شيء واحد وقيل: ذكر الله أعم، وما نزل من الحق أخص، ويجوز أن يراد خضوعها لذكر الله؛ كقوله: {إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (٦) أراد ب‍ {الْأَمَدُ} الأجل؛ كقوله [من البسيط]:

ولا يمهل حيّ إذا انتهى أمده (٧) ...

{اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨)}

{اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها} تمثيل لإثراء الذكر في القلوب، وأنه يحييها كما يحيي الغيث الأرض. {الْمُصَّدِّقِينَ} هم المتصدقون، وقرئ:" إن المصدّقين "بالتخفيف (٨) وهم


(١) نسبه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٥٨) لابن المبارك وعبد الرزاق وابن المنذر عن الأعمش.
(٢) رواه مسلم رقم (٥٢٥٣)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٥٨) لابن المنذر وابن مردويه والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن الزبير عن ابن مسعود.
(٣) نسبه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٥٨) لابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس.
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٧٧).
(٥) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٧٧).
(٦) سورة الأنفال، الآية (٢).
(٧) ينظر في: الكشاف للزمخشري (٤/ ٤٧٧).
(٨) قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر عنه" المصدقين والمصدقات "بتخفيف الصاد، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم" المصدقين والمصدقات "بتشديد الصاد.
تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢٧٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>