للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأضيف إلى النفس؛ لأنه غريزة فيها، وأما البخل فهو المنع نفسه، ومنه قوله تعالى:

{وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} (١) (٢٩٦ /ب) {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} ومن غلب نفسه على هواها فلم يطعها في المنع فذلك هو المفلح.

{وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٠) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١١)}

{وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ} عطف على المهاجرين، وهم الذين هاجروا من بعد المهاجرين الأولين قائلين: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا} الآية. وقيل: هم التابعون بإحسان. {غِلاًّ} الغل والغمر والحقد [بمعنى] (٢). {يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ} حالفوهم على قتال المشركين معهم: {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ} الآيات، وقد استنبط من هذه الآية معنى حسن وهو أن من فعل فعلا أو قال قولا وهو يعتقد بطلانه فكان صحيحا وانتفع به المسلمون يكون عاصيا بذلك.

وإن هؤلاء المنافقين وعدوا اليهود النصرة، وغشوهم في ذلك، فلما رأوا أنهم مغلوبون خذلوهم، وقصدوا بذلك الخذلان تخليصهم من عهدة اليمين، ولم يقصدوا نفع المسلمين فانتفع المسلمون بذلك الخذلان، وذم الله تعالى الكفار عليه. قوله: {وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ} أي: في ترك نصرتكم، أو ترك خذلانهم. {أَحَداً أَبَداً} الآيات.

{لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١٢) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٣) لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٥) كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (١٦) فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ (١٧)}


(١) سورة النساء، الآية (١٢٨).
(٢) ما بين المعقوفين ليس بالأصل وأضيف لإتمام المعنى والسياق. وقرئ "غمرا" بدل "غلا" كما في الكشاف للزمخشري (٤/ ٥٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>