للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي: أن رجلا شكا إلى الحسن قلة الرزق فأمره بالاستغفار، وشكا إليه آخر قلة النسل فأمره بالاستغفار، وشكا إليه آخر الفقر فأمره بالاستغفار؛ فقيل له: التمس قوم منك أمورا مختلفة فأجبتهم جوابا واحدا وهو الاستغفار، فتلا الحسن هذه الآية (١).

والسماء: المظلّة؛ لأن المطر ينزل منها إلى السحاب، ويجوز أن يريد بالسماء السحاب أو المطر؛ كقول الشاعر (٣١٤ /أ) [من الوافر]:

إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا (٢)

والمدرار: الكثير الدرور، شبه بما يستوي فيه المذكر والمؤنث؛ تقول: امرأة معطار ومذكار ومبيات.

{وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (١٢) ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (١٤) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦)}

{جَنّاتٍ} بساتين. {لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقاراً} أي: لا تأملون له توقيرا أي: تعظيما، والمعنى: ما لكم لا تكونون على حالة ترجون فيها الثواب، و {لِلّهِ} بيان للموقر. قوله: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً} في موضع الحال؛ أي: خلق أصلكم من تراب، ثم جعل نسله من النطف؛ نطفة ثم علقة ثم مضغة، فمن آمن بهذا ألزمه الإيمان بقدرة الله على إحياء الموتى؛ أي: لا تخافون لله حلما وترك معاجلة العقاب.

وقيل: لا تخافون لله عظمة؛ نبههم على النظر في أنفسهم أولا؛ لأنها أقرب منظور فيه ثم على النظر في العالم وما خلق فيه من العجائب في السماوات والأرض والشمس والقمر.

{فِيهِنَّ} أي: في السماوات، وهو في سماء الدنيا؛ لكن بين السماوات ملابسة فإنها طباق بعضها فوق بعض، والقمر وحده في السماء الأولى فجاز أن يقال: {فِيهِنَّ} وإن لم يكن في جميعهن؛ كما تقول: كنت في الدار، وإنما كنت في جزء منها.


(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٦١٧).
(٢) البيت لمعوّد الحكماء معاوية بن مالك، ينظر في: لسان العرب (سمأ)، وللفرزدق في: تاج العروس (سمأ)، وبلا نسبة في: ديوان الأدب (٤/ ٤٧)، والمخصص لابن سيده (٧/ ١٩٥)، مقاييس اللغة (٣/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>