للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ} (١).

{فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٧) هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٨) فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ (٣٩)}

قرئ شاذا {فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ} {وَأَنْبَتَها} {وَكَفَّلَها زَكَرِيّا} بالنصب (٢)، وعلى صيغة الدعاء في الأفعال الثلاثة. فحملتها حنة عند وضعها، وكان أبوها عمران صاحب قربانهم، فتنافس فيها أحبارهم أيهم يكفلها فتقارعوا، وكانوا يكتبون التوراة، وهم على شاطئ نهر، فألقوا أقلامهم، وقلم زكريا معهم، فثبت قلم زكريا، وسارت أقلامهم مع الماء وهو معنى قوله: {وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}.

وقولها: {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ} إشارة إلى أنه مما لا يكتسب بفعل الآدميين، وإلا فالأرزاق كلها من عند الله، ونظيره: {وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا عِلْماً} أي: ليس ذلك العلم مما يكتسب بالمباحث ولا بالدراسة. {هُنالِكَ} أصلها أن تكون للمكان، وتستعار للزمان، وهما في هذا الوضع محتملان، وكذا قوله: {هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ}.

{أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ} مذهب البصريين: أن النداء لا يغني فيه القول، بل لابد من صريح القول، فالتقدير: فنادته الملائكة قائلين. وقال الكوفيون: لا يحتاج إلى إضمار القول؛ لقيام النداء بمعناه، ومثله قول الشاعر [من الرجز]:

رجلان من ضبّة أخبرانا ... إنا لقينا رجلا عريانا (٣)


(١) رواه البخاري في صحيحه رقم (٤٥٤٨)، ومسلم في صحيحه رقم (٢٣٦٦).
(٢) قرأ بها مجاهد، تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٢/ ٤٤٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٢/ ٧٦)، فتح القدير للشوكاني (١/ ٣٣٥)، الكشاف للزمخشري (١/ ١٨٧).
(٣) ينظر الرجز بلا نسبة في: خزانة الأدب للبغدادي (٩/ ١٨٣)، الخصائص لابن جني (٢/ ٣٨٨)، شرح شواهد المغني (٢/ ٨٣٣)، الكشاف للزمخشري (١/ ١٩١)، المحتسب لابن جني (٢٥٠، ١/ ١٠٩)، مغني اللبيب لابن هشام (٢/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>