للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البنتين، وأما البنتان فاستحقاقهما الثلثين مأخوذ من الخبر والمعنى؛ أما الخبر فروي: «أن زوجة سعد جاءت ومعها ابنتان، وقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد، وقد توفي وأخذ عمهما مالهما، والله لا ينكحان إلا بمال، فأعطى الرسول صلّى الله عليه وسلم البنتين الثلثين وللزوجة الثمن، وللعم الباقي (١)».

وأما المعنى: فإن الله - تعالى - فرض للأختين الثلثين بقوله: {فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] فإذا فصل ذلك في الأختين، فالبنتان أولى بذلك؛ لأن الأخوات مع البنات عصبة، لا تأخذ الأخوات إلا ما فضل عن فرض البنات.

قوله: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} ولو قال: لأبويه السدس. لظن أنهما يشتركان في السدس. ولو قال: ولأبويه الثلث لما عرف كيف يقسم؛ بالسوية بينهما، أم للذكر مثل حظ الأنثيين؟ {فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} والأخوان والأختان (٣١ /أ) والأخ والأخت، كل فريق منهم يحجب الأم من الثلث إلى السدس.

وقال ابن عباس: لا يحجبها إلا ثلاثة فصاعدا ثلاثة إخوة، أو ثلاث أخوات، أو أخوان وأخت، أو أخ وأختان؛ لقوله - تعالى: {فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ} والإخوة جمع وأقل الجمع ثلاثة (٢). وقال الحسن البصري: لا يحجب الأم من الثلث إلى السدس إلا ذكور الإخوة أو ذكورهم مجتمعين مع الإناث، وأما الأخوات الخلص فلا يحجبونها إلى السدس؛ لقوله - تعالى: {فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ} لأن الإخوة تشمل الذكور المنفردين، وتشمل الذكور المجتمعين مع الإناث، ولا يدخل فيه الإناث الخلص (٣).

{لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً} فلا توصي لأحد من الورثة زيادة على ما أعطاه الله؛ رجاء منك أنه ينفع أولادك، وينفع من يخلفه بعدك من إلزامك، فإنك لا تدري أيهم أقرب لك نفعا وأبعد ضررا. {فَرِيضَةً} مصدر التقدير: فرض الله ذلك فريضة.


(١) رواه أحمد في المسند (٣/ ٣٥٢)، وأبو داود رقم (٢٨٩٢، ٢٨٩١)، والترمذي رقم (٢٠٩٢)، وابن ماجه (٢٧٢٠)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٣٣٤)، والواحدي في أسباب النزول (ص: ١٥٠، ١٤٩)، رقم (٢٩٨).
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره (٥/ ٦٢)، والبيضاوي في تفسيره (١/ ١٥٣)، وذكره ابن قدامة في المغني (٧/ ٢٨) من المسائل التي خالف ابن عباس فيها الصحابة رضي الله عنهم جميعا.
(٣) تنظر: المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>