للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ} أكبر وأعظم مما حصل له من الولاية. {وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ} في طلب الميرة؛ لأن بلادهم أصابها من القحط ما أصاب الناس. {فَعَرَفَهُمْ} ولم يعرفوه؛ لأن يوسف كان يتفحص عنهم ويترقبهم، وكانوا يظنون بيوسف أنه هلك، واستعبده من اشتراه؛ ولأن زيّ المملكة يورث في القلوب أبهة تمنع من استيفاء النظر. والجهاز بفتح الجيم: ما يتجهز به. {بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ} وكان بنيامين، وكان شقيق يوسف دون بقية إخوته، روي أنه كان أنزلهم وأضافهم، وإنما مدح نفسه بأنه {خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} ليرغبهم في إحضار أخيهم ولعل الله كان قد أوحى إليه بذلك ليضاعف ليعقوب الثواب على البلاء.

{وَقالَ لِفِتْيانِهِ} لأتباعه. وفي الحديث: "لا يقل أحدكم عبدي ولا أمتي، بل يقل: فتاي وفتاتي» (١) ومنه {فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ} (٢) {وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ} (٣) وإنما رد البضاعة لعلمه بفاقة أبيه وفاقة العائلة، ولما يعلم من دين أبيه وإخوته إذا رأوا البضاعة قد أعيدت إليهم أن يظنوا ذلك غلطا فيعودوا لإعطائها، ولهذا قال: {لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها} و {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} {مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ} بتقدير: إن لا يحضر الأخ.

{ما نَبْغِي} ما نافية، والبغي: تجاوز الحد، ويجوز أن تكون {ما} استفهامية، أي:

أيّ شيء نطلب؟ {وَنَمِيرُ أَهْلَنا} معطوف على مضمر. {فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا} يطلق لنا الكيل (٨٨ /ب) {وَنَمِيرُ أَهْلَنا} {وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} لبنيامين، وكان يوسف لا يعطي كل رجل أكثر من حمل بعير.

{قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦) وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧) وَلَمّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦٨) وَلَمّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩)} {فَلَمّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ}


(١) رواه مسلم رقم (٢٢٤٩)، وأبو داود رقم (٤٩٧٥)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) سورة النساء، الآية (٢٥).
(٣) سورة النور، الآية (٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>