للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيّايَ فَارْهَبُونِ (٥١) وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ (٥٢) وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥) وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمّا رَزَقْناهُمْ تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦)}

قد ينهى الإنسان ولده عن صحبة فاسقين، ويزيد مع ذلك النهي عن كل واحد، ويجوز أن ينهاه عن الجمع بينهما، وأن ينهاه عن الانفراد بصحبة أحدهما فنهاه هاهنا عن اتخاذ اثنين لا عن كل واحد منهما، فإن الله وحده لا ينهى من عبده وأفرده بالوحدانية، فلهذا قال: {إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ} ليبين أن المنهي اتخاذ اثنين {فَإِيّايَ} ارهبوا {فَارْهَبُونِ} وقد اشتغلت {فَارْهَبُونِ} بضميرها. قوله: {وَلَهُ الدِّينُ واصِباً} أي: دائما، ومنه قوله: {عَذابٌ واصِبٌ} (١).

قوله: {ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ} هذه الفاء في {فَإِلَيْهِ} جواب إذا، وقوله: {ثُمَّ} دليل على استبعاد ما فعلوه من اعتقاد الشريك؛ لأن الله وحده هو المتفرد بسائر وجوه الإنعام، ولفظة {ثُمَّ} دليل عليه؛ كقوله: {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٢) {يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ} (٣) وقول الشاعر [من الطويل]:

ولا يكشف الغمّاء إلا ابن حرّة ... يرى غمرات الموت ثمّ يزورها (٤)

{إِذا فَرِيقٌ} إذا للمفاجأة وهي جواب ل‍ {إِذا} الشرطية {لِيَكْفُرُوا} اللام لام الأمر وهو تهديد كقوله: {اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} (٥) {لِما لا يَعْلَمُونَ} إلهيته أو شركته {نَصِيباً} من


(١) سورة الصافات، الآية (٩).
(٢) سورة البقرة، الآية (٢٨) وفي الأصل "ثم إليه تجأرون" وليست هذه آية، ولعل ما أثبتناه هو الصواب.
(٣) سورة الجاثية، الآية (٨).
(٤) تقدم تخريجه في سورة يونس، الآية (٥١).
(٥) سورة فصلت، الآية (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>