للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حروثهم وأنعامهم، وشرح ذلك في سورة الأنعام (١). وقيل في القسم بالتاء في {تَاللهِ} إنها لا تقع إلا فيما يتعجب من المقسم عليه؛ كقوله: {وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ} (٢) تعجب كيف تيسّر له كسر أصنام الملك مع عظمة سلطانه وضعف حال النمرود.

{وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٥٩) لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٠) وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٦١)}

قوله: {وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَناتِ} هو كقوله: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً} (٣) {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً} (٤) وليس بمعنى التصيير؛ لأن الملائكة ما صاروا إناثا ولا صار لله البنات! {وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ} من الذكور أي: يجعلون ذلك لأنفسهم.

قوله: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ} يجوز أن يكون تهكما؛ كقوله {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} (٥) لأن ولادة الأنثى للرجل لا يبشر بها، ويجوز أن تكون البشارة بسلامة الأم وولادة الأنثى تامة الخلق فتكون البشارة على بابها. {ظَلَّ} أي: صار نهارا وزعم الزمخشري (٦) أن أكثر الولادة يقع ليلا فيحصل التبشير بها نهارا.

{كَظِيمٌ} مملوء غضبا وأصل الكظام الخيط الذى (١٠٠ /ب) تشد به القربة، شبه من امتلأ غضبا. كظيم بمعنى مكظوم. {يَتَوارى} يتستر يتروّى {أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ} ترعى الإبل، أم يدفنها بالحياة؟! {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ} هذا كما يرد على


(١) سورة الأنعام، الآية (١٣٦).
(٢) سورة الأنبياء، الآية (٥٧).
(٣) سورة الزخرف، الآية (١٥).
(٤) سورة الزخرف، الآية (١٩).
(٥) سورة آل عمران، الآية (٢١).
(٦) ينظر: الكشاف للزمخشري (٢/ ٦١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>