للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشاتم شتمه فيقال: جعلت لله الأدنى، وجعلت لنفسك الأعلى، بل لك مثل السوء ولله المثل الأعلى. {وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النّاسَ بِظُلْمِهِمْ} أتى بعد {لَوْ} بالفعل المضارع ليدل على تكرر عدم المؤاخذة، والهاء في {عَلَيْها} تعود على الأرض، ولم يجر لها ذكر فيما قرب؛ لأنه مفهوم من السياق؛ كقوله: {حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ} (١) يعني: الشمس، وكذا قول الشاعر [من الكامل]:

حتّى إذا ألقت يدا في كافر ... وأجنّ عورات الثغور ظلامها (٢)

أراد الشمس. والكافر: البحر. وكان بعضهم يقف على قوله: {يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً} ويجعل قوله: {وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} مستأنفا قال: لأنه إذا جاء الأجل يستحيل الاستقدام عنه بعد أن يجيء ولا يستحيل التأخير، وجوابه: أن جعله أجلا مانع من التقدم والتأخر معا (٣).

{وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (٦٢) تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤) وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشّارِبِينَ (٦٦) وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٦٧)}

{ما يَكْرَهُونَ} من البنات {وَتَصِفُ} أي: وتحكي. قرئ {الْكَذِبَ} بضم الكاف والذال ورفع الباء جمع كذوب، كصبور وصبر وغفور وغفر، ويكون {أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى} هو المفعول، وعلي القراءة المشهورة {الْكَذِبَ} بالنصب (٤) مفعول، و {أَنَّ لَهُمُ}


(١) سورة ص، الآية (٣٢).
(٢) البيت للبيد، ينظر في: تاج العروس (كفر)، ديوان لبيد (ص: ٣١٦)، غريب الحديث لابن قتيبة (١/ ٢٤٧)، مقاييس اللغة لابن فارس (٥/ ١٩١)، لسان العرب (كفر - يدي) وقوله: ألقت يدا في كافر أي: دخل أولها في الغور. أو بدأت في المغيب، ويحتمل أن يكون أراد الليل، أي: بدأت الشمس في المغيب. وأجن: ستر.
(٣) ينظر: منار الهدى في بيان الوقف والابتدا للأشموني (ص: ٢١٧).
(٤) قرأ بها ابن عباس وأبو العالية ومجاهد وابن محيصن. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان -

<<  <  ج: ص:  >  >>