للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ريحا شديدة فأخرجتهم وهم كارهون، فبلغ معاوية، فقال له بعض جلسائه: قد منع الله من هو خير منك من رؤيتهم، فقال: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً}» (١).

{قالُوا لَبِثْنا يَوْماً} كانوا يظنون أن الشمس غابت [فقالوا: يوما] فرأوها لم تغب فقالوا {أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} وكان معهم دراهم من ضرب دقيانوس الملك المتقدم ثم تغير ذلك الضرب تغييرات كثيرة في مدة (١٠٧ /أ) الثلاثمائة سنة. {أَيُّها أَزْكى طَعاماً} أرخص أو أحلّ.

{وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً} وهم يظنون أن الملك دقيانوس يطلبهم. {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} إن يغلبوكم؛ كقوله تعالى: {فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ} (٢) {أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ} أطلعنا {فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً} (٣) وكان ملكهم في ذلك الزمان مسلما وكان يرى ببعث الأجساد والأرواح، وقوم ينكرون ذلك، فأقام الملك متضرعا أن يريهم الله آية تدل على بعث الأجسام، فلذلك قال: {أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها} فلما اطلع عليهم تنازع فيهم المسلمون، فغلب الملك والمسلمون عليهم، فبنوا عليهم مسجدا.

كان ابن عباس يحلف أنه من القليل الذين يعلمون عددهم، ويقول: هم سبعة وثامنهم كلبهم (٤) فإن الله - تعالى - عقب القولين الأولين بقوله: {رَجْماً بِالْغَيْبِ} ولم يقل ذلك في قولهم الثالث.

وزعم قوم أن هذه واو الثمانية، وليس عند العرب للثمانية واو.

وأما سورة التحريم قوله: {ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً} (٥) فتلك الواو واجبة الدخول، سواء كان ثالثة أو رابعة أو ما سوى ذلك؛ لأنه لو قال: ثيبات أبكارا لاجتمع الضدان. وقد كان


(١) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٢/ ٤٧٢)، ونسبه الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار التي في الكشاف (٢/ ٣٠١) للواحدي في تفسيره الوسيط.
(٢) سورة الصف، الآية (١٤).
(٣) سورة المائدة، الآية (١٠٧).
(٤) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ٢٢٦)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٣٧٥) لعبد الرزاق والفريابي وابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس، ونسب للطبراني في الأوسط بسند صحيح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "أنا من القليل، مكسلمينا وتمليخا وهو المبعوث بالورق إلى المدينة ومرطوس ونينونس ودردوتس وكفاشطهواس ومنطفواسيسوس وهو الراعي والكلب اسمه قطمير".
(٥) سورة التحريم، الآية (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>