للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (٨٠) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (٨١) وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٨٢)}

المراد بالانطلاق: الذهاب ولا يشترط فيه السرعة، وأصله من إطلاق الإنسان أو الدابة الممنوعين عن التصرف. وقوله: {فَانْطَلَقا} يعني موسى والخضر، ولم يجر ذكر يوشع بعد انطلاقهما، وكملت القصة في محاورة موسى والخضر دون يوشع.

{اِسْتَطْعَما أَهْلَها} وقد احتج بهذه الآية من أجاز السؤال عند الحاجة، فإن الخضر وموسى استطعما وردّا. وفيه دليل على أن إعطاء المسكين والسائل ضيافة.

وقوله: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} نسبة الإرادة للجدار مجاز والمراد إشرافه على السقوط.

{فَأَقامَهُ} الخضر. وقوله: {لاتَّخَذْتَ} قرئ {لاتَّخَذْتَ} وهما لغتان (١) فلما استكمل موسى ثلاثة أسئلة على خلاف ما شرط عليه في قوله: {فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ} الآية قال له الخضر: وفاء بالشرط {هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} وقد زعم بعضهم البين بمعنى الوصل، احتج بقوله - تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} في قراءة من ضم النون (٢).

واحتج الشافعي في قوله: إن المسكين أكثر موجودا من الفقير بهذه الآية (٣) فجعل لهم سفينة وسماهم مساكين. وقال بعضهم: لما جاز إرادة إفساد السفينة للمصلحة، وإن كان ضرر ظاهر نسب ذلك إلى نفسه بقوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها} ولما كان بقاء الكنز في مكانه ليأخذه اليتيم إذا بلغ مصلحة مجرّدة نسبه إلى الله - تعالى - فقال: {فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا} وقد سأل نافع الأزرق (٤) ابن عباس رضي الله عنه فقال: "كيف جاز للخضر قتل الغلام ولم يحتلم، وهو لم


(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب" لتخذت "، وقرأ الباقون" لاتّخذت".
وتنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ١٥٢)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٢٨)،، الحجة لأبي زرعة (ص: ٤٢٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٤٧٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٣٩٦)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٤٩٥)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣١٤).
(٢) تقدم تخريجها في سورة الأنعام، الآية (٩٤).
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي (٣/ ٢)، المغني لابن قدامة (٧/ ٣١٣).
(٤) هكذا وقع هنا نافع الأزرق، وفي كتب التخريج وفي الكشاف للزمخشري (٢/ ٧٣٦) أن الذي سأل -

<<  <  ج: ص:  >  >>