للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{عَنْ آلِهَتِي} أي: عن عبادة آلهتي. في {لَأَرْجُمَنَّكَ} قولان: أحدهما: لأقتلنك مرجوما بالحجارة؛ لأنها قتلة شنيعة شديدة الألم. والثاني: أن الرجم بمعنى الطرد لا بمعنى القتل. وفي {مَلِيًّا} قولان: أحدهما: أنه مأخوذ من الملاءة أي: وأنت قادر على الخلاص والهرب من قبل أن أقيدك أو أحبسك. والثاني: أن {مَلِيًّا} بمعنى زمانا. والملوان: هما الليل والنهار؛ لأنهما زمانان.

{قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧)}

وقوله: {سَلامٌ عَلَيْكَ} سلام موادعة ومفارقة، وقال بعض أصحاب الشافعي: إن سلام المتاركة لا يجب جوابه على السامع (١).

وقوله: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} هي الموعدة التي وعد بها إبراهيم أباه، وقد بسط عذره وشرح قصته في سورة التوبة (٢). الحفي بالأمر: المهتم به، أي: كان معتنيا بي ولطيفا في تيسير وصول الخيرات إليّ، ولا يضيع عند الله شيء من الأعمال الصالحة، ولذلك قال: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ} الآيتين.

{وَما تَدْعُونَ} أي: ما تعبدون؛ لقوله: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ} ترك مصاحبة [الكفار] فعوض عنهم بالأولاد النجباء الأبرار، ولسان الصدق هو الثناء الحسن، قال الشاعر [من البسيط]:

لقد أتتني لسان لا أسرّ بها (٣) ...


(١) ذكره المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير (٦/ ٣٨٦).
(٢) تقدم في تفسير سورة التوبة، الآية (١١٤).
(٣) هذا صدر بيت لعامر بن الحارث أو لأعشى باهلة، وعجزه:

<<  <  ج: ص:  >  >>