للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في موسى: {إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً} من كسر اللام جعله من قوله: {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلّهِ} (١) ومن فتحها (٢) فمن قوله: {إِنّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ} (٣) {مِنْ رَحْمَتِنا} من أجل رحمتنا. وقيل: بعض رحمتنا. و {أَخاهُ} على هذا القول بدل، و {هارُونَ} عطف بيان؛ كقولك: رأيت رجلا أخاك زيدا. قوله: {إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ} ليس صدق الوعد مختصّا به، وإنما هو نشر لفضائله، كما سمي خليلا وصديقا.

وكان إسماعيل يبدأ بأمر أهله بالصلاة والزكاة فوصفه بذلك، وضمّ إليه أنه كان مرضيّا عند الله، وأما رفعه إدريس إلى المكان العلىّ ففيه قولان: أحدهما: أنه في السماء، وقد ذكر في بعض روايات (١١٥ /أ) المعراج. والثاني: أن المراد رفعة المكانة والشرف.

{أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (٥٨) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلاّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (٦٠) جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (٦٣) وَما نَتَنَزَّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤)}

{مِنَ النَّبِيِّينَ} من لبيان الجنس كقوله في سورة الفتح: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} حتى قال: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنْهُمْ} (٤).

وكرر نسبتهم إلى الأنبياء واحدا بعد واحد ليبين شرف أصلهم، وأن نسبهم بالأنبياء


= من علو لا عجب منها ولا سخر
ينظر في: إصلاح المنطق لابن السكيت (١/ ٢٦)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ١٥٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٢)، لسان العرب (سخر).
(١) سورة النساء، الآية (١٤٦).
(٢) قرأ حمزة والكسائي «مخلصا» بفتح اللام، وقرأ الباقون «مخلصا» بكسرها. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ١٩٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤١٠)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٢).
(٣) سورة ص، الآية (٤٦).
(٤) سورة الفتح، الآية (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>