للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{سَمِيًّا} فيه قولان: أحدهما: المثل، والثاني: الشبيه. {وَيَقُولُ الْإِنْسانُ} متعجّبا من إحياء الموتى، والواو في «أولا» عاطفة، أي: يقول ذلك ولا يذكر {أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً} الآية {لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ} الذين أغووهم. والمحضر في القرآن أكثر ما يجيء في المحضر للعذاب {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} قيل: جماعات.

وقيل: جاثين على الركب من شدة الهول. {شِيعَةٍ} جماعة. {أَيُّهُمْ} أعتى وأظلم يقدم في السقوط في النار، ثم الأشبه فالأشبه. قيل: تلتقطهم النار كما تلتقط الطير الحبّ.

{إِلاّ وارِدُها} يعني: القيامة، والورود: الحضور في الموقف، ومنه: {وَلَمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ} (١) وقيل: الورود الدخول، وكان بعضهم يقول: تيقنا ورود جهنم وشككنا في الخروج، فأين البكاء؟ وقيل: إنها يذهب حرّها بدخول المؤمنين العصاة فيها، فيقول المؤمنون بعد (١١٦ /أ) جوازهم الجسر: إنا قد وعدنا بورود جهنّم فيقال لهم: أرأيتهم تلك الكيمان السود، أطفأها نور الإيمان. ويقال: إن جهنم تنادي المؤمن، فتقول: جز يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي (٢). وقيل: الحمى الورود، وجاء في الحديث: "الحمّي حظ المؤمن من النار" (٣).وفي رواية: "الحمّي من فيح جهنم" (٤).

{كانَ عَلى رَبِّكَ} أي: ورود عرضة القيامة. {نُنَجِّي} أي: نرفع، وفيه تلويح بأن الجنة في السماء. ويدل على ذلك قوله - تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى} (٥) وسدرة المنتهى في السماء بلا خلاف، ووجه الاستدلال بهذه الآية أن التنجية هي الرفع، وقال - سبحانه وتعالى - في حق فرعون: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} (٦) أي:


(١) سورة القصص، الآية (٢٣).
(٢) رواه الطبراني في المعجم الكبير (٢٢/ ٢٥٨) رقم (٦٦٨) عن يعلى بن منية، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع رقم (٢٤٧٤).
(٣) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٢/ ٣٠٩) وعزاه للبزار عن عائشة وقال: إسناده حسن. وعزاه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (٤/ ١٨١٢) لابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" وابن عساكر وصححه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.
(٤) رواه البخاري رقم (٣٢٦٣)، ومسلم رقم (٢٢١٠) عن عائشة - رضي الله عنها. ورواه البخاري أيضا رقم (٣٢٦٤)، ومسلم رقم (٢٢٠٩) عن ابن عمر - رضي الله عنهما.
(٥) سورة النجم، الآية (١٥).
(٦) سورة يونس، الآية (٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>