للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: نزلت هذه الآية في أبي سفيان بن حرب ومن معه من المشركين، صدوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن عمرته عام الحديبية (١).

{وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦)}

قوله - عز وجل: {وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ} أي: عرفناه مكانه، بأن بعث الله سحابة (١٣٢ /أ) فوقفت حيال موضع الكعبة، وقيل لإبراهيم: ابن على ظلّها.

وقيل: بعث الله ريحا فكنست موضع الكعبة خاصة (٢). {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ} أي:

من الشرك. وقيل: من الفرث والدم، وكانوا يبقون ذلك في المسجد إذا ذبحوه قربانا للكعبة وقيل: من قول الزور. قوله - عز وجل: {وَالْقائِمِينَ} أي: في الصلاة.

وقيل: المقيمين بمكة والركوع والسجود في الصلاة. وفي هذه الآية تلويح بأن الصلاة في البيت جائزة. وقيل: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} يعني: قلبك. وقيل: وطهره بالقيام بحجج الله - تعالى - وإبطال الشبه عنها (٣). {وَأَذِّنْ} أي: أعلم، فروي أن إبراهيم صعد جبل أبي قيس وقال:

يأيها الناس إن الله قد بنى بيتا فحجّوه، فلا يحجه إلى يوم القيامة إلا من أجاب دعوة إبراهيم (٤). وقيل: أول من أجابه أهل اليمن فهم أكثر الناس حجا (٥).

{وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨)}


(١) روى هذه الأقوال ابن جرير الطبري في تفسيره (١٧/ ١٤١ - ١٤٢)، والسيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٧ - ٢٩) وقال ابن جرير الطبري: «وأولى الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن مسعود وابن عباس من أنه معني بالظلم في هذا الموضع كل معصية لله وذلك أن الله عم بقوله: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ ولم يخصص به ظلم دون ظلم في خبر ولا عقل، فهو على عمومه».
(٢) روى هذه الأقوال ابن جرير الطبري في تفسيره (١٧/ ١٤٣) والسيوطي في الدر المنثور (٦/ ٣٠ - ٣١).
(٣) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٧٥).
(٤) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ١٤٥)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٣٣) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٥) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>