للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: الخطاب في قوله: {وَأَذِّنْ} لنبينا محمد صلّى الله عليه وسلم، أمر أن يعرف الناس بوجوب الحج عليهم (١). {يَأْتُوكَ رِجالاً} أي: مشاة، والرجال: جمع راجل.

{وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ} أي: ركبانا على كل جمل مهزول، وهو المراد بالضامر؛ لأنه لا يصل البعير إليه حتى يصير ضامرا. {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ} أي: طريق {عَمِيقٍ} أي: بعيد.

{مَنافِعَ لَهُمْ} قيل: هو شهود المواقف وقضاء المناسك. وقيل: هي مغفرة الذنوب. وقيل:

هي التجارة في الدنيا والأجر في الآخرة. قوله - عز وجل: {فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ} قيل:

إنها عشر ذي الحجة وآخرها يوم النحر، وهو مذهب الشافعي.

وقيل: هي أيام التشريق الثلاثة. وقيل: هي يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر (٢). {عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ} أي: على ما رزقهم من تحليل ذبائح الأزواج الثمانية من بهيمة الأنعام.

قوله - عز وجل: {فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا} قيل: الأكل والإطعام واجبان. وبه قال أبو الطيب بن سلمة (٣). وقيل: مستحبان. وبه قال الشافعي رحمه الله، فإن أطعم جميعه جاز وإن أكل الكل لم يجزه، وهذا كله في الدماء المستحبة، أما ما كان فدية لشيء من محظورات الحج لا يحل أكل شيء منه، بل يفرق جميعه على الفقراء (٤).


(١) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٧٥) قال العيني في عمدة القاري (٩/ ١٢٨): «والتوفيق بين القولين أن النبي صلّى الله عليه وسلم إنما أمره الله بذلك إحياء لسنة إبراهيم عليه الصلاة والسلام».
(٢) ينظر: بدائع الصنائع للكاساني (١/ ٤٥٨)، المغني لابن قدامة (٢/ ٢٤٥)، مغني المحتاج للشربيني (١/ ٥٠٥).
(٣) هو الإمام أبو الطيب محمد بن الفضل بن سلمة بن عاصم البغدادي واشتهر بأبي الطيب بن سلمة نسب إلى جده. قال الخطيب البغدادي: كان من كبار الفقهاء ومتقدميهم. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله: كان أبو الطيب هذا معروف النسب في الفضل والأدب وصنف كتبا عدة وتوفي في المحرم سنة ثمان وثلاثمائة. تنظر ترجمته في: تهذيب الأسماء للنووي (٢/ ٥٢٦).
(٤) ينظر: الأم للشافعي (٢/ ٣٤٨)، بدائع الصنائع للكاساني (٤/ ٢١٩)، المغني لابن قدامة (١١/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>