للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ (٨٣) وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضّالِّينَ (٨٦) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ (٨٨) إِلاّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)}

{حُكْماً} أي: حكمة. وقيل: سأل الإصابة في الحكم بين الخلق. وقيل: النبوة.

والإلحاق بالصالحين: أن يوفقه لعمل ينتظم به في جملة الصالحين. {وَلا تُخْزِنِي} ولا تهنّي، أو لا تجعلني مستحييا. {يُبْعَثُونَ} فيه ضمير إلى العباد أو إلى الضالين {إِلاّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} إلا حال من أتى الله، وهو كقوله [من الوافر]:

تحيّة بينهم ضرب وجيع (١) ...

كما تقول: هل لفلان مال؟ فيقال: ماله سلامة قلبه، مرادك: نفي المال عنه، ويجوز أن يراد: إلا غنى من أتى الله. وقيل: إلا مال من أنفق ماله في الخير وأولاد من علمهم الخير والقرآن. وقيل: السليم الملسوع تألّما على ما سلف منه من التقصير، وهو من بدع التفاسير (٢).

رتب إبراهيم الكلام مع الكفار فاستفهم عما يعبدونه وهو يعلم أنهم يعبدون الأصنام ثم أبطل إلهية (١٥٨ /أ) أصنامهم بأنها لا تنفع ولا تضر، ورد تقليد آبائهم الأولين، ثم عدد نعم الله عليه بالهداية والإطعام والسقي والشفاء من المرض وغير ذلك، ثم تضرع إلى الله أن يلحقه بالصالحين، وأن يجعل له ذكرا جميلا إلى يوم القيامة، ثم وصله بذكر يوم القيامة.

{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ (٩١) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥)} {قالُوا وَهُمْ فِيها}


(١) البيت لعمرو بن معدي كرب، وصدره:
وخيل قد دلفت لها بخيل ... ينظر في: خزانة الأدب للبغدادي (٤/ ٥٣)، الخصائص لابن جني (٤/ ٣٥)، ديوان عمرو بن معدي كرب (ص: ١٣٧)، شرح أبيات سيبويه (١/ ٣٦٥)، الكشاف للزمخشري (١/ ٦٠) (٣/ ٣٢٠)، المقتضب للمبرد (٢/ ٢٠) أي: وأصحاب خيل تقدمت لها بمثلها، والتحية بالضرب الوجيع على سبيل التهكم.
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>