للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢)}

أتتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير، أي: في حال دعاء الشيطان إياهم إلى العذاب. وقرأ علي بن أبي طالب {وَمَنْ يُسْلِمْ} (١) بالتشديد، يقال: سلم أمره إلى الله وأسلمه، وقد عداه هاهنا ب‍ "إلى" وعداه باللام في قوله: {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ} (٢) لأن المراد عندما تعدى باللام أنه جعل وجهه أي: ذاته خالصة لله، وأما تعديته ب‍ "إلى" فكقولك: سلمت المال إلى زيد. {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى} من باب التمثيل. جعل من أراد الدخول في أمر فهيأ له سببا قويّا شبيها بالعروة المستوثق منها، فمن استمسك به سلم. {وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ} كقوله: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} (٣).

{وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦) وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧)}

{نُمَتِّعُهُمْ} زمانا قليلا بدنياهم {ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ} الغلظ حقيقة في الأجسام، مجاز في المعاني. {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} إلزام لهم على إقرارهم بأن الذي خلق السماوات والأرض هو الله. {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أن ذلك إلزام لهم على إقرارهم.

{الْغَنِيُّ} عن حمد الحامدين {الْحَمِيدُ} الذي يجب حمده في السماوات والأرض.


(١) وقرأ بها أيضا السلمي وعبد الله بن مسلم بن يسار. تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (١٩٠/ ٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣٩٠)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٢٤٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢١٥)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٣٢٩).
(٢) سورة آل عمران، الآية (٣٠).
(٣) سورة هود، الآية (١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>