للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرئ {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} بالنصب عطفا على اسم "إن" والرفع (١) عطفا على (١٨٤ /ب) اسم "إن" ومعمولها. {وَلَوْ} ثبت أن الأشجار أقلام، وثبت أن البحر ممدود بسبعة أبحر أو على الابتداء، والواو واو الحال، بمعنى: ولو أن الأشجار أقلام في حال كون البحر ممدودا، والمعنى: ولو أن الشجر أقلام، والبحر ممدود بسبعة أبحر، وكتب بهن كلام الله لما نفدت الكلمات. فإن قيل: كيف جاز أن يكون قوله {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} حالا ولا ضمير فيه يعود إلى صاحب الحال؟ قلت: هو كقوله [من الطويل]:

وقد أغتدي والطير في وكناتها (٢) ...

وما أشبه ذلك من الأحوال التي حكمها حكم الظروف، ويجوز أن يكون المعنى:

وبحرها والضمير للأرض؛ فإن قلت: لم أفرد قوله: {شَجَرَةٍ} ولم يقل: من الشجر؟

قلت: لأن المراد إذا استقريت شجرة بعد شجرة لم توجد إلا مبرية أقلاما. فإن قلت: لم جمع الكلمات جمع قلة، والمراد هاهنا الكثرة؟ قلت: معناه: أن كلماته لا تفي بها كتبة ذلك، فكيف بكلمة واحدة؟!

وقيل: إن اليهود قالوا: أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء. فأجيبوا بقوله: {وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ} الآية. وقيل: قال المشركون: إن هذا الذي يأتي به محمد كلام سينفد، وأنه يتقوله فنزلت. وقيل: إن اليهود علّموا المشركين أن يقولوا للمؤمنين: أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء (٣).

{ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}


(١) قرا أبو عمرو ويعقوب "والبحر" وقرأ الباقون "والبحر". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ١٩١)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٨٦)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٦٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣٩٠)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥١٣)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٣٦)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٤٧).
(٢) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة، الآية (١٤٤).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢١/ ٨٢)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٥٢٦ - ٥٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>