للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القذف والرمي: توجيه السهم (١) إلى المرمى مع تحامل [ويستعاران من حقيقتهما لمعنى] (٢) للإلقاء، ومنه قوله تعالى: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} (٣). {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التّابُوتِ} (٤).

ومعنى قوله تعالى: {رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} يلقيه إلى أنبيائه صلوات الله عليهم، أو يرمي به الباطل فيدمغه ويزهقه. {عَلاّمُ الْغُيُوبِ} رفع على "إن" واسمها أو المستكن في {يَقْذِفُ} أو خبر مبتدأ محذوف. وقرئ بالنصب (٥) صفة لربي، أو على المدح. الحي لا يخلو في حال حياته أن يبدئ أمرا أو يعيده؛ فإذا مات انقطع ذلك؛ فجعلوا قولهم لا يبدئ ولا يعيد؛ كناية عن الموت؛ قال [من الرجز]:

أقفر من أهله عبيد ... فاليوم لا يبدي ولا يعيد (٦)

وعن ابن مسعود أنه قال: "دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وحول الكعبة ثلاثمائة (٢٠٥ /ب) وستون صنما فجعل يطعنها بعود في يده وهو يقول: {جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً} (٧).

" جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " (٨).


(١) في الكشاف: تزجية السهم، والتزجية: الدفع برفق. ينظر: لسان العرب (زجى).
(٢) بياض بالأصل والمثبت من الكشاف للزمخشري (٣/ ٥٩١).
(٣) سورة الحشر، الآية (٢).
(٤) سورة طه، الآية (٣٩).
(٥) قرأ عامة القراء بالرفع" علام "وقرأ زيد بن علي وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق بالنصب " علام ". تنظر في: البيان في غريب القرآن لابن الأنباري (٢/ ٢٨٣)، التبيان للعكبري (٢/ ١٩٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٥٣)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٩٦)، معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ٢٥٧).
(٦) البيت لعبيد بن الأبرص، ينظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٥٣)، ديوان عبيد (ص: ٤٥)، العين للخليل (٢/ ٢١٨)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٥٩١)، لسان العرب (قفر)، معجم البلدان لياقوت الحموي (٤/ ١٩٨).
(٧) سورة الإسراء، الآية (٨١).
(٨) رواه البخاري رقم (٤٢٨٧)، ومسلم رقم (١٧٨١)، والترمذي رقم (٣١٣٨)، وأحمد في المسند (١/ ٣٧٧)، وابن حبان في صحيحه رقم (٥٨٦٢) عن ابن مسعود رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>