للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحق: القرآن. وقيل: الإسلام. وقيل: الباطل هو إبليس، ولا يبدئ إبليس خلقا ولا يعيده. وقيل: لا يبدئ ولا يعيد، أي: لا ينفع في الدنيا ولا في الآخرة.

وقال الزجاج:" ما "في قوله: {وَما يُبْدِئُ} استفهامية، وكذلك {وَما يُعِيدُ} (١).

{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠) وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١) وَقالُوا آمَنّا بِهِ وَأَنّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣)}

{ضَلَلْتُ} وعدي الضلال ب‍" على "بقوله: {فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي} وجعل قرينه {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي} والقياس: وإن اهتديت فلها، كقوله: {مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها} (٢) لأن الهدى من الله، وإنما يتيسر بأسباب يسهل بها وقوع الطاعة، والضلال؛ كالراكب على الحيوان، الضابط لنفسه.

وجواب {وَلَوْ تَرى} محذوف، أي: لرأيت أمرا عظيما، والأفعال التي هي {فَزِعُوا} {وَأُخِذُوا} {وَحِيلَ} المراد المستقبل وهي ماضية في اللفظ؛ لأن أخبار القيامة تأتي على صيغة الماضي؛ لتحققها عند الله كتحقق ما مضى وثبت. {فَزِعُوا} وقت الموت.

وقيل: البعث. وقيل: يوم بدر. وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن جيشا يغزون الكعبة يريدون هدمها فيخسف بهم " (٣).فجاءت الآية دالة على ذلك {فَلا فَوْتَ} فلا يفوتون الله، والأخذ {مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ} من الموقف إلى النار إذا بعثوا أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا، أو من صحراء بدر إلى القليب، أو تحت أقدامهم إذا خسف بهم، وفيما عطف عليه قوله {وَأُخِذُوا} وجهان: أحدهما: على {فَلا فَوْتَ} أي: فلا يفوتون وأخذوا. والثاني: على {فَزِعُوا} والتقدير: ولو ترى إذا فزعوا وأخذوا.

{آمَنّا بِهِ} أي: بمحمد صلى الله عليه وسلم وقد مر ذكره في قوله: {ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ}.


(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ٢٥٨).
(٢) سورة فصلت، الآية (٤٦).
(٣) رواه البخاري رقم (٢١١٨)، ومسلم رقم (٢٨٧٣)، وأحمد في المسند (٦/ ١٠٥)، وابن حبان في صحيحه رقم (٦٧٥٥)، عن عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>