للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١)}

وقرئ" إنا جعلنا في أيديهم "، " وفي أيمانهم " (١) وهو ضعيف؛ لما سبق من كون الغل سببا في الإقماح. وقرئ {سَدًّا} بالفتح والضم (٢). وقيل: ما كان من فعل الناس فبالفتح، وما كان من فعل الله فبالضم.

{فَأَغْشَيْناهُمْ} فألبسنا أبصارهم غشاوة، أي: غطيناهم. وقرئ (فأعشيناهم) بالعين (٣) من العشاء، وهو تعذر الإبصار بالليل. وقيل: نزلت في بني مخزوم، وذلك أن أبا جهل حلف لئن رأى محمدا يصلي ليرضخن رأسه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى فأخذ أبو جهل حجرا ليرضخ به رأسه كما زعم، فيبست يده ولصق الحجر بجلده، فلم يقدر على فكه إلا بجهد، فقال مخزومي آخر: أنا أرضخه بهذا الحجر فقام ليفعل فأعمى الله بصره (٤).

قوله عز وجل: {فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} متعلق بقوله: {وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا} الآية، أي: لا يبصرون ما قدامهم ولا ما خلفهم؛ لأجل السد المانع من ذلك؛ لأنهم متعامون على النظر في الآيات. فإن قلت: قوله: {إِنَّما تُنْذِرُ} (٢١١ /أ) إنما يتوجه إذا كان الإنذار حاصلا، وقد تقدم قوله: {ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ؟}


(١) قرأ" في أيديهم "ابن عباس ب، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه" في أيمانهم ". تنظر في: تفسير القرطبي (١٥/ ٧)، فتح القدير (٤/ ٣٦١)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٨١)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٧٣).
(٢) قرأ حفص عن عاصم وحمزة والكسائي وخلف" سدا "بفتح السين، وقرأ الباقون" سدا "بضم السين. تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٢٥)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٩٨)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٩٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٧٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٣٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣١٦)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣١٥).
(٣) قرأ بها ابن عباس وعمر بن عبد العزيز والحسن ويحيى بن يعمر وأبو رجاء وعكرمة.
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٢٥)، تفسير القرطبي (١٥/ ١٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٧٦)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٨١)، مجمع البيان للطبرسي (٨/ ٤١٤)، المحتسب لابن جني (٢/ ٢٠٤)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٧٣).
(٤) رواه الطبري في تفسيره (٢٢/ ١٥٢)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٤٣) للبيهقي في الدلائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>