للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم قوم إذا وعظوا لا يتذكرون.

{وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤) وَقالُوا إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩)}

{وَإِذا رَأَوْا آيَةً} كانشقاق القمر وغيره يستدعون السخرية من غيرهم و {أَوَآباؤُنَا} معطوف على محل "إن" واسمها، أو على الضمير في {لَمَبْعُوثُونَ} والذي جوز العطف على المضمر المرفوع بغير (٢١٦ /ب) تأكيد - الفصل بهمزة الاستفهام وقرئ بسكون الواو (١) والمعنى: نعم تبعثون. {وَأَنْتُمْ داخِرُونَ} صاغرون، وفي الكلام محذوف تقديره:

فإذا كان ذلك فما هي إلا نفخة واحدة يميت الله بها كل حي، ثم نفخة أخرى يحيي بها كل ميت. الزجرة: الصيحة؛ من قولك: زجر الراعي الغنم. إذا صاح عليها؛ قال الشاعر [من المنسرح]:

زجر أبي عروة السباع إذا ... أشفق أن يختلطن بالغنم (٢)

{فَإِذا هُمْ} أحياء {يَنْظُرُونَ}.

{وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ}


= عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عجب ربنا من رجلين؛ رجل ثار من وطأته ولحافه من بين حبه وأهله إلى الصلاة، فيقول الله - جل وعلا -: انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطأته من بين حبه وأهله إلى صلاته؛ رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله فانهزم الناس وعلم ما عليه في الانهزام، وماله في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه، فيقول الله لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رجاء فيما عندي وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه". وهناك أحاديث كثيرة في هذا الباب، والصواب - وهو مذهب السلف الصالح وما عليه جمهور المسلمين -: الإيمان بهذه الصفات وإثباتها لله تعالى على مراد الله تعالى، ونسأل الله تعالى أن يهدينا والمسلمين إلى الفهم الصحيح والعقيدة النقية الصافية.
(١) قرأ قالون وأبو جعفر وابن عامر "أو آباؤنا" وقرأ الباقون "أو آباؤنا". تنظر القراءة في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٥٥)، تفسير القرطبي (١٥/ ٧١)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٠٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٩٧)، مجمع البيان للطبرسي (٨/ ٤٣٩)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٥٧).
(٢) البيت للنابغة الجعدي، ينظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٥٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٩٤)، ديوان النابغة الجعدي (ص: ١٥٨)، القاموس المحيط لأبي حيان (عرا)، الكامل للمبرد (٢/ ١٦٥)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٣٨)، لسان العرب (عرا)، القاموس المحيط لأبي حيان (عرا).

<<  <  ج: ص:  >  >>