للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٦٤) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ (٦٦)}

قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة، فنزلت: {أَفَغَيْرَ اللهِ} الآية (١) وقوله: {تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} أصله: أن أعبد؛ فحذفت "أن" كما في قوله [من الطويل]:

ألا أيها الزاجري أحضر الوغى ... ... (٢)

فإن قلت: لم أفرد، ثم جمع، ثم عاد إلى الإفراد بقوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ؟}

قلت: هو كقولك: كسانا الأمير حلة؛ أي: كسا كل واحد منا حلة، ويجوز أن يراد:

ولقد أوحي إلى كل واحد واحد من الأنبياء {لَئِنْ أَشْرَكْتَ} الآية.

قوله: {بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ} رد لما أمروه به من عبادة آلهتهم؛ فحذف الشرط وجعل تقديم المفعول عوضا منه.

{وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (٦٧) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٩)}

روي أن يهوديّا قال بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يمسك السماوات يوم القيامة على


(١) نسبه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٦٥٤) لابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنها.
(٢) هذا صدر بيت لطرفة بن العبد وعجزه:
وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي ينظر في: الإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري (٢/ ٩١)، خزانة الأدب (٨/ ٥٧٩، ١/ ١١٩)، الدرر اللوامع (١/ ٧٤) ديوان طرفة (ص: ٣٢)، سر صناعة الإعراب (١/ ٢٨٥)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص: ٨٤)، الكتاب (١٠٠، ٣/ ٩٩)، لسان العرب (أنن)، المقتضب للمبرد (٢/ ٨٣)، همع الهوامع للسيوطي (٢/ ٧١). والشاهد فيه: نصب الفعل "أحضر" بأن بعد حذفها. وهو قول الكوفيين، ويروى: أحضر بالرفع بعد حذف "أن"، وهذا على الرواية الصحيحة عند البصريين. وينظر تفصيل ذلك في الإنصاف لابن الأنباري المسألة رقم (٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>