للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرئ: "رجل" (١) بسكون عين الفعل؛ كعضد وعضد، وكان ابن عم لموسى قبطيا آمن بموسى سرا. وقيل: كان إسرائيليا. و {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} صفة ل‍ {رَجُلٌ} أو معمول ل‍ (يكتم) أي: يكتم إيمانه {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ}.

ثم احتج المؤمن على قومه بقوله: {وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} فتلطف من وجهين: أحدهما: أنه بدأ بقسم الكاذب مع علمه بصدق موسى. والثاني: قوله: {يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} وهو إذا كان صادقا أصابهم كل الذي وعدهم. وروي أن الذي تولاه أبو بكر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أشد؛ فمما روي أن أكابر مشركي قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت الذي تنهانا أن نعبد ما كان يعبد آباؤنا وخنقوه فالتزمه من ورائه، وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ} ولم يزل يدافع عنه حتى أرسلوه (٢). وقيل: قاله أبو بكر جهرا، وقاله مؤمن آل فرعون سرا (٣). {ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ} أرض مصر؛ فلا تتعرضوا لبأس الله وعذابه وقال: {فَمَنْ يَنْصُرُنا} ولم يقل: فمن ينصركم؟ تلطفا في النصيحة، ولأنه منهم فينبغي أن يحفظوه كما يحفظون أنفسهم. {ما أُرِيكُمْ إِلاّ ما أَرى} يعني: ما أشير عليكم إلا بقتله ولا أستصوب إلا هو، ولقد كذب فيما قال؛ فإن قلبه كان مملوءا رعبا من موسى، ولكنه كان يتجلد، ولولا تجلده ما استشار أحدا.

{وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٣١) وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣) وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمّا جاءَكُمْ بِهِ حَتّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (٣٤) الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ}


(١) قرأ بها الأعمش وعبد الوارث. وتروى عن أبي عمرو.
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤٦٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٣٧)، السبعة (ص: ٥٧٠)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٤٨٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٢٣).
(٢) نسبه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٢٨٥) لابن أبي شيبة والحكيم الترمذي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
(٣) نسبه الزمخشري في الكشاف (٤/ ١٦٣) لجعفر الصادق.

<<  <  ج: ص:  >  >>