للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{جَبّارٍ (٣٥) وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاّ فِي تَبابٍ (٣٧)}

قوله: {مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ} الذين تحزبوا على الأنبياء فأهلكهم الله. {مِثْلَ دَأْبِ} لابد من تقدير محذوف فيه؛ أي: مثل جزاء دأبهم، و "مثل" الثاني منصوب بكونه عطف بيان للأول. {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ} فيعاقبهم بغير ذنب.

{التَّنادِ} قوله: {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ} {وَنادى أَصْحابُ النّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ} {وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ} (١). ويجوز أن يكون تصايحهم بالويل والثبور.

{مُدْبِرِينَ} منصرفين عن موقف الحساب إلى النار. قوله: {وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ} هو يوسف بن يعقوب. وقيل: هو يوسف بن إبراهيم بن يعقوب، أقام فيهم نبيا عشرين سنة وقيل: هو يوسف آخر، وقولهم: {لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً} (٢٣٧ /أ) مقدمة جميلة تدل على تكذيب الرسل إذا جاءوا.

قوله: {الَّذِينَ يُجادِلُونَ} بدل من {مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} وفي قوله: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ} زيادة تعظيم لما فعلوه من الكفر، ووصف القلب بالجبروت والتكبر؛ لأنه منبعهما؛ كما تقول: رأت العين وسمعت الأذن، وكذلك قوله: {فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (٢). والآثم هو الجملة ويجوز أن يكون على حذف مضاف؛ أي: على ذي قلب متكبر.

الصرح: البناء الشاهق الذي لا يخفى وإن بعد، و {أَسْبابَ السَّماواتِ} طرقها.

وقوله: {الْأَسْبابَ} ثم أبدل منه {أَسْبابَ السَّماواتِ} لأن الشيء إذا أبهم ثم فسر كان أبلغ، والذي زين هو الشيطان {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ} (٣) أو الله سبحانه وتعالى.

{إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ} (٤). التباب: الخسران. افتتح مؤمن آل فرعون بتحقير أمر الدنيا وأنها شيء يستمتع به زمنا ثم يضمحل، وثنى بتعظيم الآخرة، وذكر


(١) سورة الأعراف، الآيات (٤٨، ٥٠، ٤٤).
(٢) سورة البقرة، الآية (٢٨٣).
(٣) سورة النمل، الآية (٢٤).
(٤) سورة النمل، الآية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>