للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعل الدعوة العارية عن الإجابة كلا دعوة؛ قال الله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} (١).

{الْمُسْرِفِينَ} المجاوزين الحد. {فَسَتَذْكُرُونَ} أي: يذكر بعضكم (٢٣٧ /ب) بعضا. {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ} كانوا قد تهددوه فالتجأ إلى الله في وقاية شرهم.

{النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (٤٦) وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيباً مِنَ النّارِ (٤٧) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (٤٨) وَقالَ الَّذِينَ فِي النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (٤٩)}

{النّارُ} بدل من {سُوءُ الْعَذابِ} أو خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبره {يُعْرَضُونَ عَلَيْها} وعرضهم على النار: إحراقهم بها، يقال: عرض الأمير الأسارى على السيف أي: قتلهم به.

قوله: {غُدُوًّا وَعَشِيًّا} في هذين الوقتين يعذبون بالنار، وفيما سوى ذلك الله أعلم بحالهم؛ فإما أن يعذبوا بجنس آخر أو ينفّس عنهم. ويجوز أن يراد بالغدو والعشي الدوام.

هذا مدة بقاء الدنيا فإذا جاءت القيامة قيل لهم: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ} فإن قيل: فسرتم قوله تعالى: {وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ} بالنار، وهم لم يعذبوا بالنار فلم يحق بهم سيئات ما مكروا؟ قلنا: يقال: إن من أضمر لشخص أن يحرقه بالنار فغرقه [لسمي ذلك حيقا] (٢) لحصول عقوبة ذنبه، وإن لم يكن من جنس ما عذب به. وقد استدل بهذه الآية على عذاب القبر.

واذكر محاجة الرؤساء والأتباع، و {تَبَعاً} جمع تابع؛ كخادم وخدم، أو ذوي تبع، أو: وصفا بالمصدر، وقرئ: "كلا" (٣) على التأكيد لاسم "إن" فإن قلت: أيجوز؟


(١) سورة الرعد، الآية (١٤).
(٢) بياض بالأصل والمثبت مما فهمناه من السياق وفي الكشاف للزمخشري (٤/ ١٧٠) نحو ذلك.
(٣) قرأ بها عيسى بن عمر وابن السميقع. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤٦٩)، تفسير القرطبي (١٥/ ٣٢١)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٦)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٤٩٥)، الكشاف للزمخشري (٤/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>