للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦) لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٥٧)}

قوله: {قالُوا فَادْعُوا} ليس دلالة على مصلحة؛ لأنهم علموا أن الشفاعة مردودة، ولا تفيد شيئا، وإنما الخزنة أيأسوهم بقولهم: {فَادْعُوا}.

{هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا} بالحجة والبرهان، وقد كتب الله أن حزب المؤمنين هم المنصورون، وإن انتصر الكفار في (٢٣٨ /أ) وقت؛ فأعداؤهم مقضي عليهم بالهلاك والدمار، وأما في الآخرة فظاهر، و" يوم "الثاني بدل من الأول. {يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} يحتمل أنهم يعتذرون فلا يقبل منهم، أو: لا يتمكنون من الاعتذار؛ لقوله:

{وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} (١) {وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ} أي: سوء دار الآخرة. {آتَيْنا مُوسَى الْهُدى} جميع ما آتاه الله من التوراة والعلم والشرائع والمعجزات الخارقة للعادات.

{وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ} يعني التوراة، {هُدىً وَذِكْرى} إرشادا وموعظة، وانتصابهما على المفعول له، أو على الحال، و {لِأُولِي الْأَلْبابِ} المؤمنون العاملون به.

{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ} فاصبر على أذى المشركين، ودم على ما أنت عليه من الصبر؛ فإن العاقبة للمتقين. {بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ} قيل: هما صلاتا العصر والفجر {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاّ كِبْرٌ} أي: تكبر أو إرادة دفع الآيات بالجدال. {ما هُمْ بِبالِغِيهِ} أي: ما هم ببالغي موجب الكبر. وقيل: المجادلون هم اليهود؛ كانوا يقولون: يخرج صاحبنا المسيخ الدجال ويبلغ سلطانه البر والبحر؛ فسمى الله تمنيهم ذلك كبرا. {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} يسمع ما يقولون، ويبصر ما يفعلون فهو يجازيهم على ذلك. وأما كيفية اتصال {لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ} بما قبله؛ فلأن جدالهم كان في إنكار البعث؛ فأورد عليهم سبحانه قدرته على خلق السماوات والأرض؛ كما قال: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها} (٢) {لا يَعْلَمُونَ} لا ينظرون ولا يتأملون لغلبة الغفلة عليهم.

{وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما}


(١) سورة المرسلات، الآية (٣٦).
(٢) سورة النازعات، الآية (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>