للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَالْغَوْا فِيهِ} اللغو: الساقط من الكلام، أي: لا تسمعوا له عند قراءته، وتشاغلوا عنه برفع الأصوات بالخرافات (٢٤٢ /أ) حتى تخلطوا على القارئ قراءته فلا يتمكن من تفهيمها، وكان يوصي بعضهم بعضا بذلك. {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني: الذين تواصوا باللغو في القراءة، ويجوز أن يريد جميع الكفار. وقيل: {عَذاباً شَدِيداً} يوم بدر {أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ} في الآخرة. {ذلِكَ} إشارة إلى الأسوأ، ويجب أن يكون التقدير: أسوأ جزاء الذي كانوا يعملون، حتى تستقيم هذه الإشارة، و {النّارُ} عطف بيان للجزاء، أو خبر مبتدأ محذوف. ومعنى قوله: {لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ} أن النار في نفسها دار الخلد؛ كقوله:

{لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (١).

{بِآياتِنا يَجْحَدُونَ} يلغون فيها.

{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)}

{الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} لأن الشياطين إنسي وجني؛ قال الله تعالى: {شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} (٢) وقيل: هما إبليس وقابيل، فسن إبليس المعاصي، وسن قابيل القتل بغير حق. وقرئ: "أرنا" بسكون الراء (٣)؛ كقولهم في كتف وكبد وفخذ: كتف وكبد وفخذ.

"ثم" في قوله: {ثُمَّ اسْتَقامُوا} لتفاوت رتب الاستقامة، ومثله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا} (٤) والمعنى: ثم ثبتوا.


(١) سورة الأحزاب، الآية (٢١).
(٢) سورة الأنعام، الآية (١١٢).
(٣) قرأ ابن كثير وابن عامر وشعبة ويعقوب والسوسي "أرنا" وقرأ بقية العشرة "أرنا".
تنظر في: الحجة لابن خالويه (ص: ٣١٧)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٣٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٦٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٧٦)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٥٢)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٢٢).
(٤) سورة الحجرات، الآية (١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>