للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جنس أهل الأرض، وهذه الجنسية قائمة في كلهم وفي بعضهم؛ فيجوز أن يراد به هذا وهذا، وقد دلّ الدليل على أن الملائكة لا يستغفرون إلا لأولياء الله وهم المؤمنون، فما أراد الله إلا إياهم؛ ألا ترى إلى قوله في سورة المؤمن: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} وحكايته عنهم: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} (١) ويجوز أن يراد بالاستغفار للعصاة طلب الحلم عنهم وألا يعجل عقوبتهم، بل يؤخرها إلى يوم القيامة، وقد مضى في تفسير قوله:

{تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ} وجهان: أحدهما: يتفطرون من إجلال الله وعظمته؛ فعلى هذا يكون الانفطار من إجلال الله وعظمته كذلك، والملائكة المعظمون جلال الله الحافون حول العرش عندهم من الخوف من الله فوق ما يظن.

والثاني: يتفطرن لدعواهم لله ولدا، فعلى هذا يكون المراد: تكاد السماوات يتفطرن من إقدامهم على دعوى الشريك والولد لله مع أن الملائكة الحافين حول العرش دائمون على التسبيح الموظف عليهم، وعلى الاستغفار لأهل الأرض الذين تبرءوا من هذه الكلمة.

{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٨) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠)}

{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} جعلوا له شركاء وأندادا. {اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ} رقيب عليهم. قوله {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} أي: وما عليك إلا البلاغ، ولست بمسؤول عن هؤلاء، ولا فوض إليك أن تكرههم على اتباع الحق. ومثل ذلك {أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا} حال من (٢٤٤ /ب) المفعول به وهو قوله: {قُرْآناً}. {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى} أهل أم القرى {وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ} عذاب يوم الجمع يجتمع فيه الخلق وأهل السماوات وأهل الأرض.

وقيل: يجتمع الظالم والمظلوم. {لا رَيْبَ فِيهِ} اعتراض لا محل له وقرئ {فَرِيقٌ} و "فريقا"


(١) سورة غافر الآية (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>