للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتادة: {يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ} ينسيك القرآن ويقطع عنك الوحي (١)، أي: لو افترى على الله الكذب لفعل به ذلك. وقيل: {يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ} يربط عليه بالصبر حتى لا يشق عليك أذاهم. {وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ} مرفوع غير مجزوم. تقول: قبلت عن فلان كذا بمعنى: جعلته أول قبول، وتقول قبلته عن فلان؛ أي: جعلته واصلا إليّ من جهته، و {التَّوْبَةَ} الندم على ما مضى من التقصير والعزم على الإصلاح في المستقبل وأن يقلع في الحال عن المعصية وإن كان في المعصية حقّ لآدمي فلا بدّ من إيفائه أو من الإبراء منه. وروي أن عليا قال لبعض العرب وقد استغفر الله: إن سرعتك بالتوبة بلسانك توبة الكذابين، وتوبتك هذه تحتاج إلى توبة، فقال: وما التوبة؟ فقال: معنى يشمل أمورا ستة (٢٤٦ /ب) على الماضي من الذنوب الندامة، ولتضييع الفرائض الإعادة، وإذابة النفس في الطاعة كما ربيتها في المعصية، وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية، والبكاء بدل كل ضحك ضحكته (٢).

{وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (٢٦) وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩)}

{وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا} أي: يستجيب لهم، فحذف اللام كقوله {وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} (٣) أي كالوا لهم ووزنوا لهم.

وقيل: {الَّذِينَ آمَنُوا} فاعل، والذين آمنوا هم المستجيبون لداعي الله ومناديهم المنادي بالإيمان. {لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} لظلم بعضهم بعضا، وكفى بحال قارون عبرة، وقال عليه السلام: "أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها" (٤).أو من البغي وهو البذخ


(١) رواه الطبري في تفسيره (٢٥/ ٢٧)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٣٥٠) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة.
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٢٢٢).
(٣) سورة المطففين، الآية (٣).
(٤) رواه البخاري رقم (٦٤٢٧)، ومسلم رقم (١٠٥٢)، وأحمد في المسند (٣/ ٩١)، والنسائي (٥/ ٩٠)، وابن حبان رقم (٣٢٢٥) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>