للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشدوا [من البسيط]:

زوّجتها من بنات الأوس مجزئة (١) ...

وما هو إلا افتراء على العرب. {لَكَفُورٌ مُبِينٌ} ظاهر جحوده النعم.

{وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) أَمِ اتَّخَذَ مِمّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨)}

{أَمِ اتَّخَذَ} بل اتخذ، الهمزة للإنكار؛ تعجيبا من حالهم؛ كيف يتخذ من خلقه؟! فجعلوا لله الإناث وهو أنقص القسمين. {وَأَصْفاكُمْ} خصكم بالذكور وهم القسم الأفضل.

{بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً} أي: بالجنس الذي جعلوه جزءا، ولقد بلغ من بغضهم للبنات أن وأدوهن، وهم {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى} أربدّ وجهه وسخط. وعن بعض العرب أن امرأته ولدت بنتا فهجر منزل امرأته، فقالت لتسمعه [من الرجز]:

مال أبي حمزة لا يأتينا ... يظلّ في البيت الذي يلينا غضبان ألا نلد البنينا

ليس لنا من أمرنا ما شينا ... وإنّما نأخذ ما أعطينا (٢)

والظلول بمعنى الصيرورة؛ كما تستعمل أكثر الأفعال الناقصة بمعناها.

وقرئ:" مسود "و {مُسْوَدًّا} بالرفع (٣) على أن في {ظَلَّ} ضمير المبشر، و {وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} جملة سدت مسد الخبر. أو يجعل من تربى في النعمة ولم يكن متقدما في الفصاحة ولا غالبا في المحاكمات والخصومات، أتجعل مثل هذا ولدا لمالك الملك الذي بيده ملكوت كل شيء. نقل قلّما تكلمت امرأة في خصومة إلا نطقت بما هو حجة عليها، وهو معنى


(١) هذا صدر بيت نسبه ابن منظور لأبي حنيفة وعجزه: للعوسج اللدن في أبياتها زجل.
ينظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٩٣)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٤١)، لسان العرب (جزأ) والمعنى: امرأة غزّالة بمغازل سويت من شجر العوسج.
(٢) ينظر الشعر والقصة في: روح المعاني للألوسي (٢٥/ ٧٠)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٤٣).
(٣) تنظر القراءة في: تفسير القرطبي (١٦/ ٧٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٩٤)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٨٢)، مفاتيح الغيب للرازي (٢٧/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>