للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَقالُوا ما هِيَ إِلاّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ (٢٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١)}

{نَمُوتُ وَنَحْيا} أي: نموت نحن وتحيا أولادنا، أو يموت بعض ويحيا بعض، أو نكون أمواتا في الأصلاب ثم نحيا بعد ذلك، أو يصيبنا الأمران: الحياة والموت، يريدون الحياة الدنيا والموت بعدها، وليس بعد ذلك حياة، وما يقولون ذلك عن علم؛ ولكن عن ظن؛ كانوا يزعمون أن هلاك الأنفس بمرور الأيام والليالي، وينكرون ملك الموت، وكانوا يضيفون كل الحوادث إلى الدهر، ونرى أشعارهم ناطقة بذلك وفي الحديث: "لا تسبوا الدهر؛ فإن الدهر هو الله" (١) أي: فإن الله الآتي بالحوادث لا الدهر.

وقرئ {حُجَّتَهُمْ} بالنصب والرفع (٢) وسمي قولهم حجة؛ لأنهم أجروه مجرى الحجة والمراد نفي أن يكون لهم حجة البتة. فإن قيل: كيف وقع قوله: {قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ} جوابا لقولهم: {اِئْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟}

قلنا: لما أنكروا البعث ألزموا بأنهم مقرون به من جهة أن الله هو الذي يحييهم ويميتهم وضم إلى إلزام ذلك أمرا أعظم منه، وهو جمعهم إلى يوم القيامة، فمن كان قادرا على ذلك فهو قادر على إحياء آبائهم، وهو أهون شيء عليه.

عامل النصب في {وَيَوْمَ تَقُومُ} "يخسر"، و "ويومئذ" بدل من {وَيَوْمَ تَقُومُ}.

{جاثِيَةً} باركة على الركب من شدة الهول. وقيل: {جاثِيَةً} أي: مجتمعة {إِلى كِتابِهَا}


(١) رواه البخاري رقم (٦١٨١، ٤٨٢٦)، ومسلم رقم (٢٢٤٦) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) قرأ جمهور القراء "حجتهم" بالنصب، وقرأ زيد بن علي وعمرو بن عبيد وعبيد بن عمرو "حجتهم" بالرفع. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٣١)، فتح القدير للشوكاني (٥/ ٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٥١٣)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>