طلب نشر الصبا ووقت الصباح ... وزمان الصبا ووصل الصباح
فاسقني الراح يا نديمي ودعني ... أتلهى ما بين روح وراح
وقولي من أخرى وهو من أوائل نظمي:
قسماً بخصرك وهو واهٍ واهن ... وبروض خدك وهو زاهٍ زاهر
إني لأهوى ما تحب وإنما ... أنا فيك بين الناس شاكٍ شاكر
وقول بهاء الدين محمد بن عبد الله المحب الطبري:
أراني اليوم للأحباب شاكٍ ... وقدما كنت للأحباب شاكر
وما لي منهم أصبحت باكٍ ... أباكر بالمدامع كل باكر
نهاري لا يزال القلب ساهٍ ... وليلي لا يزال الطرف ساهر
أذاقوني عناداً طعم صاب ... وقالوا كن على الهجران صابر
وها قلبي إلى الأحباب صاغ ... يميل إلى رضاهم وهو صاغر
أحن إلى لقاهم كل عام ... وأرجو وصلهم في شعب عامر
أهيل الجود مقصد كل حاج ... وليس لهم عن الإحسان حاجر
سقى ربعاً حماهم كل غادٍ ... وصين جمالهم من كل غادر
وقد تكون الزيادة في آخر المذيل بحرفين، ويخصه بعضهم حينئذ باسم المرفل.
كقول حسان بن ثابت:
وكنا متى يغز النبي قبيلة ... نصل جانبيه بالقنا والقنابل
وقول النابغة: لها نار جنٍ بعد أنس تحولوا=وزال بهم صرف النوى والنوائب.
وقوله من الرثاء:
فيا لك من حزم وعزم طواهما ... جديد الردى تحت الصفا والصائح
وقول الشيخ حسين الطبيب في ختام قصيدة مدح بها الوالد:
تدوم دوام الفرقدين على المدى ... إذا لحقت بالمادحين المدائح
وجرى على لسان قلمي عند وصولي إلى هنا هذا البيت:
قد نال غايات المنى المنافق ... مذ آذتنا بالنوى النواعق
ومن أرق ما سمع من هذا النوع قول الخنساء:
إن البكاء هو الشفاء ... من الجوى بين الجوانح
ذكرت بمعنى هذا البيت ما حكاه أحمد بن سليمان بن وهب قال: بكيت يوماً لفرقة بعض الآلاف بين يدي الحسن بن وهب عمي، فنهاني بعض من حضر، فقال لي عمي:
ابكِ فما أنفع ما في البكا ... لأنه للحزن تسهيل
وهو إذا أنت تأملته ... نحزن على الخدين محلول
وأما الجناس اللاحق - فهو ما أبدل من أحد ركنيه حرف بحرف آخر من غير مخرجه، ولا قريب منه. فإن كان من مخرجه أو قريباً منه سمي مضارعاً. فمن أمثلة اللاحق، قوله تعالى: (إنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد الخمر لشديد) وقول الشاعر:
نظرت الكثيب الأجرع الفرد مرة ... فرد إلي الطرف يدمى ويدمع
وقول بعضهم:
أخوك على المعاش معين صدق ... وما لك لمعاش وللمعاد
وقول البديع الهمداني:
يا غلام الكأس فاليأ ... س من الناس مريح
وقول ابن جابر:
يكفي الأنام بسيبه وبسيفه ... عند المكارم والمكاره دائما
وقول الصفي الحلي:
بيض دعاهن الغبي كواعبا ... ولو استبان الرشد قال كواكبا
وقول أبي فراس بن حمدان:
غني النفس لم يعقل ... خير من غني المال
وفضل الناس في الأنفس ... ليس الفضل في الحال
وقول ابن الفياض كاتب سيف الدولة:
وما بقيت من اللذات إلا ... منادمة الكرام على الشراب
ولثمك وجنتي قمر منير=يجول بخده ماء الشباب وقولي:
قد طلع البدر في كواكبه ... كالملك يختال في مواكبه
والليل يسعى به إلى أمدٍ ... كالطرف يستن تحت راكبه
وقولي من أبيات تقدم مطلعها في الجناس المذيل:
برح اليوم عن هواي خفاه ... ما لقلبي عن الهوى من براح
فاسقنيها وداوِ قرح فؤادي ... واجتنب مزجها بماء قراحِ
وقولي من قطعة خمرية مطلعها:
قم هاتها في جنح ليل دامس ... راح حكت في الراح شعلة قابس
زفت إلى ماء السماء فأصبحت ... تهزو بكل مهاة خدرٍ عانسِ
ماذا على من قابلته ببشرها ... أن لا يقابلها بوجهٍ عابس
ومنها وفيه أيضاً شاهد لما نحن فيه:
طابت مغارسها قبورك في يدي ... جانٍ حنى تلك الكروم وغارس
قف إن وقفت بحانها حينا ودع=عنك الوقوف بكل ربع دارس ومن محاسن هذه القطعة قولي فيها:
رقت فلولا الكاس لم تبصر لها ... جسما ولم تلمس براحة لامس